إعداد: خنساء الزبير
تتزايد احتياجات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية للطاقة بشكل كبير لدرجة أن كل مقر مركز بيانات ربما يصبح قريباً أكثر استهلاكاً للكهرباء من بعض المدن بل وربما من دولة بأكملها، حسبما ذكرت شركات تقوم بتطوير هذا النوع من المرافق.
وحدث ارتفاع هائل في استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات مع تزايد أهميتها في الاقتصاد خلال السنوات العشر الماضية، حيث إنها تستضيف خوادم تشغيل التطبيقات التي تعتمد عليها الشركات والمستخدمون في المهام اليومية.
ويقول مطورو المراكز: إن في الوقت الحالي ومع ظهور الذكاء الاصطناعي أصبحت مراكز البيانات كبيرة للغاية، بحيث بات من الصعب الحصول على الطاقة الكافية لتشغيلها والأرض المناسبة لاحتضانها.
وتقول إحدى الشركات التي تؤمن الأراضي والطاقة لمراكز البيانات في تكساس: إن شركات التكنولوجيا تخوض سباق العمر للهيمنة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأشارت إلى أن الأمر يتعلق بالأمن القومي والأمن الاقتصادي لذلك سوف تستمر شركات التكنولوجيا في الإنفاق على هذا المجال، لأنه لم يعد هناك مكان أكثر ربحية منه لنشر رأس المال.
قد تتطلب هذه المرافق بشكل متزايد غيغاواط (مليار واط)، أو نحو ضعف استهلاك الكهرباء في المناطق السكنية في منطقة بيتسبرغ العام الماضي.
فعلى سبيل المثال ذروة طلب بمقدار غيغاواط في مركز بيانات واحد تعادل تقريباً متوسط الاستهلاك السنوي لنحو 700 ألف منزل، أو لمدينة يبلغ عدد سكانها نحو 1.8 مليون نسمة، وفقاً لتحليل أجرته شبكة «سي ان بي سي» باستخدام بيانات من وزارة الطاقة ومكتب الإحصاء.وبحسب بيانات وزارة الطاقة الأمريكية، فإن مركز بيانات بهذا الحجم سوف يستهلك قدراً من الطاقة في عام واحد أكبر من مبيعات التجزئة الكهربائية في عدة مدن كبرى.ومركز بيانات بحجم غيغاوات، يعمل حتى عند الحد الأدنى من ذروة الطلب، لا يزال قابلاً للمقارنة تقريباً مع نحو 330 ألف أسرة، أو مدينة يزيد عدد سكانها على 800 ألف شخص، وهو ما يقرب من عدد سكان سان فرانسيسكو.
ويبلغ متوسط حجم مراكز البيانات الفردية التي تديرها شركات التكنولوجيا الكبرى حالياً نحو 40 ميغاواتاً، ولكن هناك حاجة مستقبلية متزايدة بسعة 250 ميغاواتاً أو أكثر في الطريق.
يقول مطورو المراكز: إن الطاقة المتجددة وحدها لن تكون كافية لتلبية احتياجات هذه المراكز من الطاقة، ورغم أن الغاز الطبيعي سوف يلعب دوراً إلا أن هذا من شأنه أن يبطئ التقدم نحو تحقيق أهداف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
طاقة الشمس والرياح غير قادرة على تلبية الطلب
بغض النظر عن مصدر الطاقة، فإن مراكز البيانات أصبحت الآن تستنزف البنية التحتية الحالية للمرافق.وكمثال على ذلك تواجه الشبكة الكهربائية التي تخدم ولاية فيرجينيا الأمريكية مشاكل في الموثوقية ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة، في حين ينخفض المعروض بسبب تقاعد محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وبعض الغاز الطبيعي.ويفضل المطورون الطاقة المتجددة الخالية من الكربون ولكنهم يرون أيضاً أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدها غير قادرة على تلبية الطلب الحالي بسبب اعتمادهما على الظروف الجوية المتغيرة.وبعض أعباء العمل الأكثر أهمية للاقتصاد العالمي؛ كالبورصات المالية على سبيل المثال، تتم في مراكز البيانات التي تديرها إكوينيكس التي تتصل بالإنترنت أكثر من 99% من الوقت، وإن انقطاع الخدمة أمر غير وارد.وتعد شركات التكنولوجيا الكبرى من بين أكبر المشترين للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، ولكنها تتجه بشكل متزايد إلى الطاقة النووية بحثاً عن مصادر أكثر موثوقية للكهرباء.ولكن بناء مفاعلات نووية جديدة مكلف ويواجه تأخيرات عديدة فقد بدأ تشغيل مفاعلين نوويين جديدين في جورجيا مؤخراً بعد سنوات من الموعد المحدد، وبكلفة تجاوزت الميزانية المخصصة لها بمليارات الدولارات.ويقول المتخصصون: إن مجال مراكز البيانات تأمل أن يتضاءل الطلب على الغاز مع توسع مصادر الطاقة المتجددة.
«جارتنر» تحذر من نقص الطاقة
40 % من مراكز البيانات مقيدة بنقـص إمــداد الكهـربــاء 2027160 % توقعات
دبي: «الخليج»
كشفت «جارتنر» أن الذكاء الاصطناعي التقليدي والذكاء الاصطناعي التوليدي يسهمان في زيـادة استهـــلاك الطاقـــة الكهربائية، وذلك مع توقعات بنمو استهلاك مراكز البيانــات، خلال العامين المقبلين، بنسبة 160%. ونتيجة لذلك، تتوقع «جارتنر» أن يتم تقييد عمليات نحو 40% من مراكز البيانات الموجودة حالياً، بسبب نقص توافر الطاقة الكهربائية، بحلول عام 2027.
وقال بوب جونسون، نائب الرئيس للتحليلات لدى «جارتنر»: «يؤدي النمو المتسارع والهائل الذي تشهده مراكز البيانات الضخمة، من أجل تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليــــدي، إلى خلق طلب غير مشبع على الطاقة الكهربائية سيتجـــــاوز إمكانيــــات مزودي خدمات مرافق الطاقــة على توسيـــع قدراتهم بسرعة كافـية لمواكبة هذا الطلب».
وتتوقع «جارتنر» أن تصل الطاقة الكهربائية المطلوبة لمراكز البيانات، حتى تتمكن من تشغيل المخدمات المعززة بالذكاء الاصطناعي، إلى 500 تيراوات ساعة سنوياً، بحلول عام 2027، أي بزيادة تقدر بنحو 2.6 ضعف المستوى المسجل في عام 2023.
وأضاف جونسون: «تم التخطيط لإنشاء مراكز بيانات أكبر، حتى تتمكن من معالجة الكميات الضخمة من البيانات المطلوبة لتدريب وتطبيق النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) المتنامية، والتي تعد حجر الأساس لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي».
وأشارت جارتنر إلى أن النتيجة المحتومة لاستمرار النقص في إمدادات الطاقة الكهربائية، ستتمثل في ارتفاع أسعار الكهرباء، الأمر الذي سيزيد من تكاليف تشغيل نماذج اللغات الكبيرة.
وأوضح جونسـون: «يتعــاون كبــار مستهلكي الطاقة الكهربائية مع كبار المنتجين، من أجل تأمين مصادر طاقة مضمونة على المدى الطويل ومستقلة عن متطلبات الشبكة الأخرى».
وتوصي «جارتنر» المؤسسات بتقييم خططها المستقبلية، وتوقع تكاليف أكبر للطاقة الكهربائية، والتفاوض على عقود طويلة الأجل لخدمات مراكز البيانات وبأسعار طاقة كهربائية معقولة. ويجب على المؤسسات أن تأخذ في الاعتبار كذلك الزيادات الملموسة في التكلفة، عند وضعها لخطط منتجات وخدمات جديدة.
وستتأثــــــر أهـــداف الاستدامة الخالية من الكربون سلباً بالحلول قصيرة المدى، لتوفير المزيــــد من الطاقـــــة الكهربائية، إذ إن الزيادة الحادة في الطلب، ستجبر المزودين على زيادة إنتاجهم بكل السبل المتاحة.
وبيّنت «جارتنر» أن مراكز البيانات تحتاج إلى توافر الطاقة الكهربائية، على مدار الساعــة (24/7)، الأمــر الذي لا تستطيع مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية تلبيته، دون وجود نوع من المصادر البديلة، خلال الفترات التي لا تكون فيها مصادر الطاقة المتجددة قادرة على توليد الطاقة الكهربائية.
وتوصي «جارتنر» المؤسسات بإعادة تقييم أهداف الاستدامة المتعلقة بانبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون.