«وتر حساس».. خالٍ من الإحساس

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

اللعب على وتر واحد يُشعر المستمع بالضجر والملل، بل قد يصل إلى مرحلة صمّ الأذنين كي لا يسمع، واللعب على وتر الدراما التركية الفارغة من أي مضمون، ومنح النساء بطولة مطلقة لكنها مربوطة ومكبّلة بخيوط العنكبوت، فتجد نفسها محاصرة بنماذج للشخصيات لا تخرج عن إطار الغيرة والنميمة والأحقاد والمكائد والتنافس على قلب رجل واحد، يُشعر المشاهد بالاختناق كما يُشعر كل امرأة عاقلة بأن صناع هذه النوعية من الدراما يقللون من شأن ذكائها وقدراتها، وهي مجرد سلعة وشكل.
«وتر حساس» الذي تعرضه إحدى القنوات والمنصات هو قادر على إصابتك بالتوتر وتصل إلى منتصفه وقد اكتفيت منه ومن اللف والدوران في حلقة المكائد النسائية والأحقاد المبنية على الغيرة فقط، ويعدونك بأن تستمر هذه اللعبة، والمفروض أن يتواصل مسلسل الاستغفال والخيانة والطعن في الظهر أربعين حلقة أو أكثر، ويراهنون طبعاً على حب الناس للنميمة، وعلى نَفَس المشاهدين الطويل والذي لا ينقطع، فيزيدون من إنتاج هذه النوعية التي سبق أن شاهدنا منها «ستيليتو» (90 حلقة) بنفس الإطار والتركيبة ونفس تشابه الغيرة النسائية والأحقاد المدمرة والقاتلة.
طبيعي أن تتناول الأعمال الدرامية أجزاء من حياة الناس كما يعيشونها ويصادفونها في الواقع، والتي يجدون فيها بعض المكائد وبعض المؤامرات وتنعكس الغيرة عليهم بأشكال مختلفة، لكن أن تكون حياتهم عبارة عن كتلة من الخطط التآمرية، وكل ما يقولونه ويفعلونه ويعيشونه مع أفراد أسرهم وأصدقائهم المقربين هو تداعيات تلك الخطط وتأثيرها وردود الأفعال عليها.. أليس هناك في الإطار أي حياة سويّة عادية مشاكلها تخرج من نطاق سيدات البوتكس والفيلر والكعب العالي؟!. المسلسل تأليف أمين جمال ومينا بباوي، إخراج وائل فرج، أما البطولة فهي لصبا مبارك وإنجي المقدم وهيدي كرم ومحمد علاء وهاجر عفيفي وغيرهم.. صبا وإنجي، العمود الفقري للمسلسل وأحد أسباب فشله، وكأنه لم يكن كافياً على هذه الدراما أن تكون بلا أي قيمة اجتماعية وعائلية في مضمونها، حتى يأتي أداء البطلتين بلا أي إحساس، برود في المشاعر تلمسه بشكل واضح وأنت جالس في مقعدك، كل انفعالاتها مفتعلة وخارجية، أداء بالشكل والجسد لا بالروح، حتى صرخات صبا مبارك في أصعب المواقف التي تواجهها تنبع من الحنجرة لا من القلب.. أفضلهن أداء هي هاجر عفيفي، صادقة مؤمنة بأنها تجسد شخصية حقيقية، تنتظر إطلالتها حتى ولو استفزتك بعض مواقفها، تتفوق على صبا وإنجي بأشواط.. حتى هيدي كرم تتميز عن البطلتين وتسبقهما بخطوات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xc27upu

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"