عادي

البكتيريا.. بين المنافع والأضرار للجسم

23:45 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يحتوي جسم الإنسان على كمية كبيرة من البكتيريا النافعة التي تسهم في دعم الوظائف الحيوية، مثل: تحليل بعض أنواع المواد الغذائية كالسكريات المعقدة عند دخولها الجهاز الهضمي، فضلاً عن دورها في الحماية من نظيرتها الضارة التي تسبب الأمراض، وفي هذه السطور يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن أشهر هذه المشكلات وطرق الوقاية والعلاج.
يقول د. حبيب السلمان، أخصائي الأمراض الباطنية: البكتيريا النافعة «البروبيوتيك» ضرورية للصحة العامة، وتؤدي دوراً حاسماً في العديد من وظائف الجسم، وتوجد بشكل رئيسي في القناة الهضمية، وتسهم في تعزيز صحة الجهاز الهضمي وتصنيع الفيتامينات مثل (B12 وK)، ودعم جهاز المناعة، كونها تخلق حاجزاً ضد البكتيريا الضارة، ما يقلل من خطر الإصابة بالعدوى، كما تفيد في تنظيم عملية التمثيل الغذائي، لأنها تحطم الكربوهيدرات والدهون المعقدة.
ويضيف: تفيد البكتريا النافعة في دعم الصحة العقلية من خلال محور الأمعاء والدماغ، كما تؤثر إيجابياً في الحالة المزاجية ووظيفة الدماغ، ما يقلل من أعراض القلق والاكتئاب، وتجدر الإشارة إلى أن تناول الأطعمة المحلية الغنية بالبروبيوتيك مثل اللبن (مشروب ألبان مخمر تقليدي) أو حليب الإبل يسهم في الحفاظ على توازن صحي للبكتيريا المفيدة، كما تعمل إضافة التمر الغني بالألياف على تعزيز صحة الأمعاء.
ويوضح د.السلمان، أن البكتيريا الضارة كائنات دقيقة تسبب العدوى والأمراض لدى الإنسان، كونها تنتقل عن طريق الطعام أو الماء الملوث أو ممارسات النظافة السيئة، وتغزو الجسم وتعطل عمله الطبيعي، وتشمل الأمراض الشائعة، الآتي:-
•الإشريكية القولونية، وهي سلالات معينة تسبب التسمم الغذائي، والتهابات المسالك البولية، والإسهال.
•المكورات العنقودية الذهبية: يمكن أن تؤدي إلى التهابات الجلد، والتسمم الغذائي، وفي الحالات الشديدة، التهابات مجرى الدم.
•العقدية الرئوية التي تعد السبب الرئيسي للالتهاب الرئوي والتهاب السحايا والتهابات الأذن الوسطى.
•السالمونيلا التي تسبب الأمراض المنقولة بالغذاء والتي تتميز بالإسهال والحمى وآلام •هيليكوباكتر بيلوري التي ترتبط بقرحة المعدة والتهاب المعدة المزمن.
نمط الحياة
يشير د.السلمان، إلى أن بعض العادات السيئة وخيارات نمط الحياة يمكن أن تشجع على نمو البكتيريا الضارة، ما يزيد من انتشارها وتفاقمها في الجسم، ومن أبرزها: إهمال النظافة الأساسية مثل غسل اليدين والعناية بالأسنان، وشرب الماء الملوث، وارتفاع معدل مخاطر الإصابة بالعدوى، وكذلك الأنظمة الغذائية غير المتوازنة والغنية بالأطعمة المصنعة والسكريات، التي تعطل توازن بكتيريا الأمعاء، كما يؤدي الإفراط في استخدام المضادات الحيوية إلى قتل البكتيريا المفيدة، ما يترك مجالاً لنمو وانتشار البكتيريا الضارة، وينجم عن التوتر أو قلة النوم ضعف الجهاز المناعي.
بكتيريا المعدة
تذكر د.هيه كيم، استشارية الطب الباطني، بكتيريا المعدة (هيليكوباكتر بيلوري) هي المسؤولة عن العديد من المشاكل الصحية في الجهاز الهضمي، في حين أن العديد من البكتيريا الموجودة في المعدة غير ضارة، إلا أن الملوية البوابية يمكن أن تسبب التهاباً وتلفاً ببطانة المعدة، ما يؤدي إلى حالات مثل التهاب المعدة والقرحة وربما تتطور للسرطان إذا تركت من دون علاج، ويرافق الإصابة مجموعة من الأعراض، مثل: فقدان الشهية، آلام مزعجة في البطن، الانتفاخ والغازات المفرطة، الغثيان أو القيء، حرقة المعدة أو الارتجاع الحمضي، براز داكن يشير إلى وجود نزيف داخلي.
وتبين د.هيه كيم أن السبب الرئيسي لمشاكل بكتيريا المعدة هو الإصابة بالبكتيريا الحلزونية، التي تنتقل بالعدوى للإنسان عبر الطعام أو الماء الملوث وسوء النظافة، وتستهدف على الأكثر الأشخاص الذين يعيشون في ظروف معيشية مزدحمة أو غير صحية، ومن يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، ومن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بقرحة المعدة أو السرطان.
وتضيف: يتم تشخيص بكتيريا المعدة عن طريق فحوص الدم للكشف عن الأجسام المضادة لبكتيريا الملوية البوابية، اختبارات التنفس التي تقيس المنتجات الثانوية للبكتيريا الحلزونية، اختبارات البراز لتحديد نوع البكتيريا، والتنظير وأخذ خزعة من بطانة المعدة.
وتلفت د. هيه كيم أن إهمال علاج بكتيريا المعدة يمكن أن يتسبب في مضاعفات خطِرة، مثل: القرحة الهضمية، التهاب المعدة المزمن، سرطان المعدة، فقر الدم الذي ينجم عن النزيف الداخلي، ويشمل العلاج عادة المضادات الحيوية الفعالة في القضاء على الملوية البوابية، إلى جانب مثبطات مضخة البروتون لتقليل حمض المعدة وتعزيز الشفاء.
التهابات الحلق
تذكر د.شهالة شافي، أخصائية الأنف والأذن والحنجرة، أن التهابات الحلق من أكثر المشكلات الصحية التي تؤثر في الأشخاص من جميع الأعمار، وتتراوح درجة الإصابة من الخفيفة إلى المزمنة التي تتطلب التدخل الطبي الفوري، ومن بينها: التهاب البلعوم، تورم والتهاب أو وجود خراج حول اللوزتين وتراكم القيح، والتهاب الحنجرة.
وتضيف: تحدث التهابات الحلق البكتيرية الناجمة عن المكورات العقدية المقيحة (المجموعة أ العقدية)، بسبب التهاب البلعوم الجرثومي، أو الالتهابات الفطرية، والارتجاع الحمضي، أو المهيجات الكيميائية، وتنتشر معظم الحالات عن طريق قطرات الهواء أو مشاركة الأدوات الخاصة، وتستهدف على الأكثر الأطفال وكبار السن والأفراد الذين يعانون ضعف المناعة مثل النساء الحوامل ومرضى داء السكري ومن يعيشون في المناطق المزدحمة والمدخنين ومرضى الحساسية، ومن هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والمضاعفات.
وتوضح د.شهالة شافي أن أعراض التهاب الحلق تتمثل في الألم الشديد وصعوبة البلع، والحمى، وتورم في الرقبة (العقد الليمفاوية)، ارتفاع درجة الحرارة، وتغير الصوت، والتعب، والبقع البيضاء في منطقة اللوزتين، وضيق التنفس، والسعال المهيج، ويتم التشخيص عن طريق الكشف السريري، ومجموعة من الفحوص والاختبارات ومسحة الحلق، وتتطلب بعض الحالات تنظير الحنجرة.
وتتابع: يتطلب التهاب الحلق البكتيري العلاج بشكل دقيق وعاجل، حتى تؤدي إلى مضاعفات خطِرة، مثل: تكوين الخراج، والتهابات الأذن، والتهاب العقد اللمفية، والحمى الروماتيزمية، والتهاب الشغاف الجرثومي تحت الحاد (في أمراض القلب الصمامية) أو التهاب كبيبات الكلى الذي يؤثر على صحة الكلى.
وتشير د.شهالة شافي، إلى أن الراحة والإكثار من السوائل والغرغرة ومزيلات الاحتقان والمسكنات هي الدعامة الأساسية لعلاج حالات التهاب الحلق، إضافة إلى مضاد الميكروبات الذي يصفه الطبيب المختص وفقاً لنوع العدوى، وتشمل طرق الوقاية، غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام، وتجنب مشاركة الأدوات الخاصة بالمصابين، مع ضرورة التأكد من التحصين ضد أمراض الإنفلونزا والدفتيريا والحصبة والجدري المائي والإنفلونزا المستدمية وغيرها عن طريق أخذ اللقاحات، والحرص على الممارسات الصحية كتجنب التدخين، والحفاظ على نظافة الفم الجيدة، وتناول نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية.
3 طرق فعالة للحماية
توصف البكتيريا بأنها كائنات حية دقيقة تتكون من خلية واحدة فقط، وعادة ما يكون طولها عدة ميكروميترات، وتنتشر بشكل كبير على كوكب الأرض، ويحتوي جرام التراب ما يقارب ال 40 مليون خلية بكتيرية، ويضم ملليتر الماء العذب مليون خلية بكتيرية، ولذلك يجب الالتزام بطرق الحماية من هذه الكائنات للحد من التعرض للأمراض، وتشمل النصائح الوقاية الآتي:-
1-يُشكل غسل الأيدي بالصابون والماء لمدة 20 ثانية على الأقل أكثر الطرق فاعلية للحماية من البكتريا الضارة ومعظم أنواع العدوى، وخاصة قبل تحضير الطعام أو تناوله، أو بعد السعال أو العطاس، أو بعد تغيير الحفاضات، وبعد استخدام المرحاض، ويمكن الاستعاضة عن الغسول بتعقيم اليدين المعتمد على الكحول بنسبة 60% على الأقل ليوفر الوقاية اللازمة.
2-تعد اللقاحات التحصينية أفضل خط دفاع للحماية من الأمراض، وخاصة التطعيمات التي توصف للصغار في مرحلة الطفولة، كما يفيد البالغين وكبار السن للوقاية من بعض الأمراض، مثل التيتانوس والإنفلونزا ومرض كوفيد-19.
3-تعد المضادات الحيوية من أهم العلاجات الناجعة للقضاء على الالتهابات البكتيرية ومقاومة الأمراض الناتجة عنها، لكن يجب وصفها عن طريق الطبيب المختص بعد عمل الفحوص اللازمة وتحديد نوع البكتيريا الضارة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykpz55vt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"