الإمارات مصدر إلهام

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. باسمة يونس

قصة الاتحاد كانت ولا تزال حلماً لا يشبه أي حلمٍ آخر، حلم ولد جريئاً وتبلور فوق أرض بلا معالم، وفي ثنايا صحراء لا متناهية، وظل يتأرجح بين أفق البحر وأفق السماء، ويلمع كنجمةٍ في ليلٍ هادئ بانتظار من يحققه. كان الحلم هو «الاتحاد»، والفكرة هي «الوطن»، وروحه «قيادة محبة وطموحة، وشعب يجمعه شعور الانتماء والفخر»، وهي المعاني الحقيقية للترابط والتلاحم وصناعة المسيرة التي قادتها عزيمة صلبة ولدت من ثنايا تاريخ عريق لا تغرب شمس نجاحاته.

حدث هذا في سبعينات القرن الماضي، عندما اجتمع قادة الإمارات السبع حول طاولة واحدة وعلى قلبٍ واحد يدفعهم إيمانٌ بأن قوة الوحدة تفوق قوة التفرق، وحملوا معاً بقيادة المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، رؤيةً تتجاوز حدود الصحراء وترى المستقبل بوضوحٍ وتؤمن بأن الاتحاد هو السبيل لبناء وطن قويّ يعانق الشمس.

وهكذا ولد الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971، وتوحّدت الإمارات في كيانٍ واحد، لتصبح نقطة تحول في تاريخ المنطقة، ويصبح الثاني من ديسمبر يوماً غمر فيه الفخر قلوب أبناء الإمارات، وشهدت فيه الرمال أولى خطوات المسيرة الحقيقية، وانطبعت عليها بصمة رحلة المستقبل بلا توقف.

من ذلك اليوم، بدأت الإمارات قصة نجاحٍ مستمر، فلم يكن الاتحاد مجرد شعار، بل كان ولا يزال أساساً لنهضة شاملة جعلت منها نموذجاً يُحتذى به، وتحولت من حلم إلى دولة كانت تعتمد في بداياتها على النفط، ثم أصبحت مركزاً اقتصادياً عالمياً يحتضن أضخم الشركات والاستثمارات بعمائرها الشاهقة وأسواقها المزدهرة، وجهة اقتصادية بارزة رسخت مكانتها كدولة تُوازن بين الأصالة والحداثة، فلا تتخلى عن ماضيها ولا تهمل تراثها، وتمضي نحو المستقبل من دون أن تفكر في العودة إلى الوراء.

وأدركت الإمارات منذ البداية أهمية العلم والمعرفة كأساسٍ لبناء المستقبل؛ فتأسست الجامعات والمراكز البحثية، وأُطلقت المبادرات العالمية لنشر الثقافة، مثل «تحدي القراءة العربي»، ومعرضي «الشارقة وأبوظبي للكتاب»، وغيرهما؛ لتصبح جسراً يربط بين الثقافات ومنارةً تضيء طريق المعرفة.

وعندما أرادت الإمارات أن تلمس أحلامها التي تراها في السماء، أرسلت أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، وأطلقت مسبار الأمل ليصل إلى المريخ في خطوة تُظهر أن الحلم يمكن أن يصبح حقيقة إذا ما اجتمع الإصرار بالرؤية الواضحة، وعندما يبنى الاتحاد على قيم السلام والتسامح. واليوم تضم الإمارات أكثر من 200 جنسية، يعيشون معاً في تناغم واحترام، ويثبتون أن القوة الحقيقية تكمن في احتضان التنوع، تحت مظلة رؤية تدفع البلاد لمسيرة حافلة بالنجاحات.

وأصبح معروفاً أن قوة الإمارات ليست فقط في أبراجها العالية أو إنجازاتها الاقتصادية، بل في وحدتها التي جعلتها قادرة على مواجهة التحديات في أوقات الأزمات، وقدرتها على التماسك والتكيف؛ مثبتة بذلك أن الاتحاد هو مصدر الصمود والمسيرة الثابتة نحو مستقبلٍ لا حدود له، وتعكس رؤية 2071 طموحها بأن تكون واحدة من أفضل دول العالم، ولتصبح الحكاية التي بدأت برؤية قيادية وفكرة حالمة قصة نجاحٍ تُكتب بإنجازات أبناء الوطن جيلاً بعد جيل.

الاتحاد ليس مجرد فكرة تجمّعت فيها الإمارات السبع، بل هو روحٌ تسري في أبناء هذا الوطن. إنه الدليل على أن الوحدة قوة، وأن الأحلام تصبح حقائق عندما يتشارك فيها الجميع والوطن يكبر في أحضانهم، وبينما تتابع الإمارات مسيرتها، تبقى حكايتها مصدر إلهام لكل من يؤمن بأن الوحدة تصنع المعجزات، وبأن الحلم يبدأ بخطوة ويتحقق بقيادة طموحة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykvd5ptt

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"