عبد الغفار حسين
بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة المكونة من سبع إمارات بنظام فيدرالي، ودستور فيدرالي يضع السلطة في يد واحدة، أي في السلطة المركزية، ويعطي أقاليم الإمارات كلاً على حدة، صلاحية الإدارة من اقتصادية واجتماعية والشأن المحلى بصفة واسعة، أصبحت هذه الدولة أول بلد شرق أوسطي يقوم كيانه على هذا الأساس من الفيدرالية الموحدة، لتصبح بعد ذلك أنموذجاً فريداً من نوعه في هذه المنطقة من العالم أو في التاريخ الحديث لهذه المنطقة، ويدخل الشيخ زايد بن سلطان مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد، رحمهما الله، في التاريخ العربي كمساهمين رئيسيين في تكوين هذا الاتحاد، بما تمتعا به من صبر وسعة صدر وبُعد نظر وسماحة وتغاض، وقدرة فائقة على الاستقطاب والجذب ولمّ الناس من حولهما .
واللافت للنظر أن فكرة الاتحاد كانت منذ البداية تقوم على أساس أن تكون الديمقراطية والجماعية هما الهدف الذي ينبغي أن يصل إليه النظام السياسي السائد في الاتحاد، وقد وضع الدستور المؤقت كمرحلة مبدئية أولى قابلة للتغيير في المستقبل غير البعيد.
ومن يقرأ دستور الإمارات المؤقت، والذي أصبح بعد ذلك دستوراً دائماً، يجد أن هدف إيجاد مسير الديمقراطية في نظام إدارة الاتحاد أمر متفق عليه، ومفهوم سائد عند الناس وعند أهل الحل والعقد.
وكان الشيخ زايد، رحمه الله، أكثر المتحمسين لهذا المسير وأكثر الناس استجابة للمطالب التي طرحها يومئذ المثقفون والواعون من أهل الإمارات، والتي تبناها بعد ذلك المجلس الوطني الاتحادي بعدما ترأسه الإعلامي والسياسي الكبير والداعية الإصلاحي المغفور له تريم عمران.
وفي هذا الأمر توضيح تام أن فيدرالية الإمارات أو فكرة الفيدرالية طرحت لكي تستوعب معظم المناطق في الخليج، وقد كان محتملاً أن تشمل في وقتها أو في المستقبل دولاً عربية إقليمية، حيث كان الباب مفتوحاً على مصراعيه لهذه الشمولية، وكانت الفيدرالية أو فكرتها مبنية على أساس نظام ديمقراطي، تكون الكلمة العليا فيه لنظام أساسي متقدم يوازن الأمور بين سلطة مركزية فيدرالية وسلطات محلية، ويكون فيه كل عضو في الاتحاد مديراً مفوضاً للإدارة المحلية في الحدود الجغرافية التي تغطي المنطقة التي يمثلها هذا العضو، وتكون إدارته المحلية الداخلية خاضعة بشكل شبه تام لمؤسساته المحلية، باستثناء السياسة الخارجية والدفاع العام وبعض الأمور الرئيسية، التي كان تنفيذها أيضاً يرجع لموافقة مجلس الوزراء والمجلس الأعلى لحكام الإمارات الأعضاء في الاتحاد، بحيث تتوسع قاعدة المركزية الاتحادية أو تتقلص طبقاً لما يقرره المجلس الأعلى.