كوريا الجنوبية.. الأزمة والحل

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

عاشت كوريا الجنوبية لساعتين ونصف الساعة مساء أمس الأول أزمة سياسية حادة كادت تعصف باستقرارها، لكن يبدو أن تفاعلاتها لم تنته بعد، وذلك إثر إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية متهماً المعارضة بممارسة «أنشطة مناهضة للدولة وتهديد الاستقرار»، واتهم البرلمان بأنه أصبح «ملاذاً للمجرمين ووكراً للدكتاتورية التشريعية»، وبرر قراره بضرورة «حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثلها القوات الشيوعية»، حيث قامت قوات الأمن بمحاصرة الجمعية الوطنية (البرلمان)، لكن المعارضة المتمثلة في «حزب قوة الشعب» الذي يسيطر على البرلمان (190 نائباً من أصل 300 نائب) تحدت قرار الأحكام العرفية وعقدت اجتماعاً طارئاً ألغت خلاله قرار الرئيس الذي اضطر إلى التراجع، لكن المعارضة رأت في القرار محاولة لتقويض الديمقراطية، وهددت بعزل الرئيس إن لم يقدم استقالته فوراً، وأعلن الحزب أنه سيطلق في الحال «إجراءات عزله تنفيذاً لإرادة الشعب». كذلك دعا «الاتحاد الكوري لنقابات العمال» الذي يضم أكثر من مليون عضو إلى إضراب مفتوح إلى حين استقالة الرئيس الذي «اتخذ إجراء غير عقلاني مناهضاً للديمقراطية»، وبالتالي «وقّع وثيقة نهاية حكمه».
يذكر أن الرئيس يون سيوك الذي تولى منصبه عام 2022 كان قد تعهد بإجراء «إصلاحات» لمواجهة التحديات الناجمة عن هيمنة المعارضة على البرلمان بعد فوزها بانتخابات إبريل/ نيسان 2024.
الخلافات الأساسية بين الحكومة والمعارضة تدور حول الميزانية وعزل كبار المدعين العامين، إذ رفضت المعارضة مقترح الميزانية الرئاسي لعام 2025، حيث قررت اللجنة البرلمانية تخفيض الميزانية بنحو 4.1 تريليون وون (ما يعادل 2.8 مليار دولار)، وطالت هذه التخفيضات جهات حكومية حساسة شملت مكتب الرئيس، والادعاء، والشرطة، ووكالة التدقيق الحكومية، واعتبر الرئيس هذه التخفيضات تهديداً لوظائف الدولة الحساسة، متهماً المعارضة بمحاولة «شل الحكم»، وتحويل البلاد إلى «ملاذ آمن للمخدرات، وحالة من الفوضى التي تهدد السلامة العامة». كما أن زيادة الميزانية العسكرية 3.6 في المئة للعام المقبل، أي 61.59 تريليون وون (46.3 مليار دولار) بما في ذلك شراء أسلحة من الولايات المتحدة قد ألقت بظلالها على هذه الأزمة.
تعتبر هذه التوترات الأسوأ منذ عقود، حيث عانت كوريا الجنوبية لفترات طويلة من الحكم العسكري والأحكام العرفية منذ تأسيسها عام 1948، وعاشت أربعة عقود تحت حكم العسكر والأحكام العرفية، قبل أن تنتقل إلى النظام الديمقراطي عام 1988 بعد تنصيب روه تاي - وو رئيساً للبلاد.
هناك في الواقع أسباب إضافية لدعوة الرئيس الكوري الجنوبي إلى الاستقالة، إضافة إلى اتهامه بتقويض الديمقراطية بلجوئه إلى إعلان الأحكام العرفية والطوارئ، ما يعني استدعاء الجيش مجدداً إلى الحكم، فهناك أسباب أخرى للأزمة تتمثل في تصاعد الغضب الشعبي جراء قضايا اجتماعية واقتصادية مثل التضخم والفساد وارتفاع الأسعار، وهي قضايا أسهمت في تقليص التأييد الشعبي له.
أمام هذا الواقع، وإزاء الرغبة الواسعة في استعادة الحياة الديمقراطية، يبدو أن الرئيس يون سوك يول قد يتقدم باستقالته، ولا يوجد خيار آخر أمامه لإنقاذ البلاد من الأسوأ، فيما تواجه شبه الجزيرة الكورية الكثير من المخاطر جراء الخلافات المتصاعدة في الكوريتين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2c62des4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"