عادي
ارتفاع معدل الإصابة بالأمراض المزمنة

إدارة مشكلات الشيخوخة.. استمرار لجودة الحياة

23:00 مساء
قراءة 7 دقائق
1

تحقيق: راندا جرجس

* د.محمد عبد الحافظ: سوء التغذية من مضاعفات صعوبة البلع
* د.جيان لوكا: كسر الورك من الإصابات الشائعة لكبار السن
* د.راجيش تشودري: الإجهاد يزيد من ظهور داء باركنسون
* د.راهول شفادي: التدخل الجراحي الأفضل لمشكلات المفاصل
* كارولين يافي: الاكتئاب مزيج من العوامل الجسدية والنفسية والبيئية

تتضاءل تدريجياً القدرات الجسدية والنفسية، ويرتفع معدل الإصابة بالأمراض المزمنة مع التقدم في العمر، ويزداد الأمر سوءاً لدى الذين لم يحتفظوا بالرصيد الكافي في سنوات الشباب لمواجهة انخفاض معدل كفاءة الأجهزة والأعضاء الحيوية، ويحتاج بعضهم إلى الرعاية الطبية، ويسلط مجموعة من الخبراء والاختصاصيين، في هذه السطور، الضوء على مجموعة من المشكلات الصحية التي ترتبط بمرحلة الشيخوخة وكيفية إدارتها لتحسين جودة الحياة.

يقول د.محمد عبد الحافظ، استشاري أمراض الجهاز الهضمي، إن عسر أو صعوبة البلع من المشكلات الشائعة بين كبار السن، وتؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات مثل: سوء التغذية والجفاف وذات الرئة الاستنشاقية، ولذلك فإن التشخيص المبكر وإدارة الحالة من العوامل الأساسية لتحسين جودة حياة المريض.
ويضيف: تزداد الإصابة بعد سن الـ 60، حيث يرتفع الخطر مع تقدم العمر، نظراً لتعرض العضلات والأنسجة في الحلق والمريء المشاركة في البلع للضعف بشكل طبيعي مع مرور الوقت، وتساهم الحالات المرضية الكامنة في زيادة فرص حدوث هذه المشكلة.
يبين د.عبد الحافظ أن هناك العديد من المشكلات المرضية التي تؤدي إلى تفاقم الإصابة بصعوبة البلع لدى كبار السن، ومن بينها فقدان الأسنان أو الأطقم غير المناسبة إلى عدم مضغ الطعام بشكل صحيح، كما تتسبب أنواع من الأدوية في جفاف الفم أو ضعف العضلات، بالإضافة إلى الاضطرابات العصبية مثل السكتة الدماغية وداء باركنسون والخرف تتسبب في إضعاف قدرة الدماغ على تنسيق العضلات المشاركة في البلع، كما يمكن أن يتشكل الجيب عند تقاطع الحلق والمريء، الرتج البلعومي المريئي «رتج زينكر»، ويؤدي إلى حبس الطعام والتسبب في القيء أو السعال، وتعد هذه الحالة شائعة لدى الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً وهو من الأسباب المعروفة لعسر البلع.
وأشار إلى أن داء الارتِجاع المعدي المريئي المزمن يسبب تعرض المريء للالتهاب والتندب، ما يؤدي إلى تضيقات في هذه المنطقة، كما تعوق الأورام الخبيثة في المريء أو الرأس والرقبة مسار البلع الطبيعي.
وأكد أن في حالات مثل تعذر الارتخاء، تفشل العضلة العاصرة المريئية السفلية في الاسترخاء بشكل صحيح، وتشنج المريء الشائع الذي يسبب تقلصات عضلية غير منسقة، وتعتبر هذه الاضطرابات من المسببات المهمة بشكل خاص لعسر البلع.
ويوضح د.عبد الحافظ أن تشخيص حالات عسر البلع يعتمد على التقييم السريري والاختبارات المتخصصة، وأبرزها اختبار بلع الباريوم الذي يسمح بتصوير عملية البلع ويساعد على تحديد المشكلات الهيكلية أو الوظيفية، استخدام التنظير العلوي لتقييم المريء لأسباب هيكلية مثل الأورام أو التضيقات أو رتج زينكر، ويساهم قياس ضغط المريء في اختبار تناسق العضلات وقوتها، للكشف عن تعذر الارتخاء أو التشنج في المريء.

عادات يومية
ينصح د.عبد الحافظ ببعض العادات اليومية التي تساهم في الحد من عسر البلع لدى المسنين، وأهمها تناول أطعمة أكثر طراوة أو مهروسة وتقطيعها إلى قطع صغيرة، والجلوس في وضعية مستقيمة أثناء الوجبات والحفاظ عليها لمدة 30 دقيقة بعد الانتهاء لمنع الأكل من الارتجاع مرة أخرى إلى المريء، ويمكن أن يساعد علاج النطق والبلع في تقوية العضلات.
ويتابع: يعد استخدام مثبطات مضخة البروتون من الخيارات العلاجية الشائعة لهذه المشكلة، وخاصة عسر البلع المرتبط بالارتجاع المعدي المريئي، بينما تساعد مرخيات العضلات في حالات مثل تشنج المريء المنتشر، وتفيد إجراءات التنظير الداخلي مثل التوسيع أو الجراحة لعلاج المشكلات الهيكلية، يتطلب سرطان المريء على الأغلب علاجات أكثر توغلاً، ويمكن أن يحتاج تعذر الارتخاء (اضطراب حركي) حيث تفشل العضلة العاصرة المريئية السفلية في الاسترخاء إلى إجراء تنظيري طفيف التوغل.

اختلال التوازن
يذكر د.جيان لوكا، استشاري جراحة العظام والصدمات، أن التغييرات التي تحدث مع الشيخوخة تؤدي إلى تقييد في الحركة، وتتمثل المشاكل في عدم الثبات أثناء المشي، أو صعوبة الدخول والنهوض من الكرسي والسقوط، كما تساهم بعض الحالات المرضية الشائعة مثل ضعف العضلات، ومشاكل المفاصل، والألم، والصعوبات العصبية (الدماغ والجهاز العصبي) في زيادة فرص خلل التوازن لدى كبار السن.
ويتابع: يُعد السقوط سبباً رئيسياً للوفاة، ويؤدي إلى كسور العظام والكدمات والخوف من الحركة، وخاصة أن حالات كسر الورك من الإصابات الشائعة لدى كبار السن، وتتطلب استخدام العصي أو المشايات أو الكراسي المتحركة بشكل دائم ويظل يواجه صعوبة في النهوض، كما يؤدي إلى الخمول الذي يسبب مشاكل صحية إضافية.
يلفت د.لوكا إلى أن التشجيع على ممارسة النشاط البدني يساهم في مساعدة الأشخاص الذين يعانوا مشكلات الحركة، كونه يقوي العظام والعضلات، ويحسن الثبات عند المشي، ويساعد على الوقاية من الكسور، ويمكن اقتراح استخدام عصا أو مشاية، والتدرب على النهوض من الأرض، كما يجب إجراء فحص سلامة المنزل وتصحيح الظروف التي قد تؤدي إلى السقوط.

داء باركنسون
يوضح د.راجيش تشودري، أخصائي طب الأعصاب، أن داء باركنسون يصيب عادة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 إلى 65 عاماً، في بعض الحالات تحدث الإصابة مبكراً في سن الأربعين نتيجة العوامل الوراثية، ويمكن أن تزداد فرص ظهور المرض بسبب بعض المشكلات المرضية مثل: تلف الجذور الحرة لخلايا الدماغ، أو نمط الحياة المرتبط بالإجهاد لفترات طويلة وقلة النشاط البدني، كما تساهم الأدوية المضادة للذهان أحياناً في حدوث المرض.
ويضيف: يتم تشخيص داء باركنسون من خلال الكشف السريري وتقييم الأعراض، مثل الهزات، والصلابة، وبطء الحركة، وتستخدم تقنيات تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، استبعاد الحالات الأخرى بدلاً من تأكيد المرض نفسه.
ويشير د.تشودري إلى أن تجنب خطر الإصابة بداء باركنسون أو تأخير ظهوره، يعتمد على إجراء تعديلات على نمط الحياة واتباع نظام غذائي صحي، ويعد النشاط البدني أو ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أمراً أساسياً للحفاظ على الوظيفة الحركية وصحة الدماغ بشكل عام، كما تساهم إدارة مستويات التوتر وخلق بيئة عمل ومعيشة خالية من الضغط النفسي في منع أو إبطاء تطور المرض، ويفيد استعمال الأدوية الموصوفة للتحكم في الأعراض، عن طريق زيادة أو استبدال الدوبامين، وهي المادة الكيميائية الموجودة في الدماغ والتي تكون ناقصة لدى المصابين بهذا الداء، وتتوفر الخيارات الجراحية للحالات الأكثر تقدماً، مثل: التحفيز العميق للدماغ الذي أظهر نتائج واعدة في إدارة الأعراض الشديدة.

التهاب المفاصل
يوضح د.راهول شفادي، أخصائي جراحة العظام، أن التهاب المفاصل التنكسي يعتبر من المشكلات الأكثر شيوعاً بين الأشخاص فوق 60 عاماً ومع تقدم العمر، ويعد الألم وصعوبة القيام بأنشطة الحياة اليومية من أهم الأعراض المصاحبة للمرض، وربما يعاني البعض تورماً وتصلباً في المفاصل (الانصباب)، وعلى الأغلب تكون هذه العلامات قصيرة الأمد ويمكن تصحيحها عن طريق الراحة والأدوية المضادة للالتهابات، أما في حالة استمرارها لفترة طويلة وعدم السيطرة عليها بالأدوية، فيجب إجراء التدخل الجراحي.
ويضيف: يمكن أن يساهم اتباع نمط الحياة الصحي في تأخير ظهور أعراض التهاب المفاصل عن متوسط عمر 60 عاماً، وممارسة أحد أشكال الرياضة البدنية، مثل: المشي على سطح مستو والقيام بتمارين ثني الركبة الأساسية وتمديدها، كما يجب عدم تجاهل أي أعراض أو دلالات كالتورم أو صعوبة المشي، حتى لا تتطور وتُحدث تلفاً دائماً وغير قابل للإصلاح بالمفصل، واستشارة الطبيب المختص في حالة وجود أي ألم غير طبيعي ناتج عن أي نشاط يستمر لأكثر من 2-3 أيام.

مشكلات نفسية
يعتبر الاكتئاب من المشكلات النفسية الشائعة التي تظهر مع التقدم في العمر، ويحدث على الأغلب نتيجة مزيج من العوامل الجسدية والنفسية والبيئية، كما يمكن أن تزيد فرص الإصابة بسبب الآثار الجانبية لأنواع معينة من الأدوية التي توصف للأمراض المزمنة التي يعانيها كبار السن، وفقاً للمعالجة المعرفية والسلوكية كارولين يافي، وتقول: «غالباً ما يعاني المسنون مشاعر الوحدة والعزلة نظراً لضعف قدرتهم على الحركة، والعيش بمفردهم، أو تقلص شبكة علاقاتهم الاجتماعية، في ظل فقدان أحبائهم، كما يؤدي تراجع القدرة الجسدية أو التغير المفاجئ في ترتيبات المعيشة، مثل: الانتقال من منزل العائلة إلى أحد مراكز الرعاية أو الخوف من الموت إلى الإصابة بالاكتئاب».
وتبين أن الاكتئاب عند كبار السن يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض جسدية، ما يساهم في انخفاض القدرات الوظيفية على الرعاية الذاتية وأداء المهام الروتينية، ويتسبب في ارتفاع معدل خطر الموت من خلال الانتحار أو بسبب مشكلات مرتبطة بالصحة البدنية، كونه يرتبط بالشعور باليأس أو اللامبالاة، ويمنع المُسن من الاستمتاع بالأنشطة ما يؤثر بشكل كبير في جودة الحياة، وتتضمن الأنواع الرئيسية، اضطراب الاكتئاب الشديد الذي يستمر لفترات مطولة من الحزن الشديد أو اليأس، واضطراب الاكتئاب المستمر الذي يعتبر من الأنواع المزمنة، حيث يدوم لمدة سنتين على الأقل، بالإضافة إلى الاضطراب العاطفي الموسمي الذي يحدث عندما تصبح الأيام أقصر خلال أشهر الشتاء، وأيضاً الاكتئاب الوعائي، الذي يُعتقد أنه ناجم عن انسداد أو تضيّق أوعية دموية صغيرة في الدماغ، وغالباً ما يُلاحظ هذا النوع عند المسنين الذين لديهم تاريخ من السكتات الدماغية.
وتذكر كارولين يافي أن الاكتئاب لدى كبار السن حالة طبية خطيرة، ولكن هناك العديد من الخيارات العلاجية، عن طريق مضادات الاكتئاب الفعّالة في إدارة الأعراض، ويتضمن العلاج النفسي إجراء محادثات منتظمة مع خبراء الصحة العقلية، كما يٌعد العلاج السلوكي المعرفي، والتواصل بين الأفراد كذلك والعلاج بحل المشكلات أيضاً ناجعاً في هذه الحالات، ويمكن لممارسة الأنشطة الجسدية والحفاظ على حمية غذائية متوازنة والحصول على قسط كاف من النوم وتقليل استهلاك الكحول والإقلاع عن التدخين، أن تساعد كلها على إدارة الأعراض.
وتضيف: يعد تقليل العزلة الاجتماعية من خلال المشاركة وممارسة الهوايات المفضلة ودعم الأقران من الأساليب المفيدة التي تساعد على تحقيق التواصل بين الأفراد الذين يعانون حالات اكتئاب متشابهة وتوفير الراحة النفسية لهم، كما تفيد ممارسة تقنيات التأمل واليوغا والاسترخاء كونها تساعد على إدارة التوتر.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mry89dm2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"