هي نفسها الأيام تزورنا جميعاً وتطرق كل الأبواب في الصباح، لكنها تحمل لكل إنسان هدية مختلفة، وهدايا الأيام مصنوعة بأنامل القدر، مفصلة على مقاس كل فرد حتى ولو شعر أحياناً بأنها ضيّقة أو فضفاضة عليه، أو ربما لا تناسب مقاس أحلامه وتوقعاته، فإنما هي هكذا لسبب ما.
انظر إلى تلك الأعداد من البشر التي نزلت إلى الشوارع تحتفل وتستقبل العام الجديد بفرح، آلاف وملايين حول العالم، الكل يتأبطون الأمل وينظرون إلى السماء المشتعلة بالألعاب النارية، المضاءة بألوان وأشكال البهجة.. الناس من مختلف الأعمار والأجناس يقفون بجانب بعضهم يرددون عبارة واحدة «عام سعيد»، لكن لكل منهم مجموعة أحلام وأمنيات مؤجلة من العام أو الأعوام الماضية ومازال يتمسك بها على أمل أن تأتي على صهوة العام الجديد!
نتشارك الأيام ولا نتشارك هداياها، نتشارك الصباح والمساء والأعياد ولا نتشارك تفاصيل الحياة ولا تمشي أيامنا في طريق أو اتجاه واحد.. عام سعيد، نرددها جميعاً أما بعد فماذا؟ أمنية عامة لا بد أن تتبعها تفاصيل يحددها كل منا على مقاسه ووفق أولوياته، فنحن شركاء في العيش على كوكب واحد وشركاء في تحمل مسؤولية بنائه ورسم خريطة المستقبل الذي نريده ونتمناه أفضل من الماضي والحاضر، وفي نفس الوقت لا نتشارك نفس الهموم الخاصة ولا نسعى خلف نفس الأهداف.
تستغرب حين يصنف المنجمون البشر وفق أبراج مائية وترابية وهوائية.. ويسردون مسار حياة كل برج خلال العام الجديد وما الذي ينتظره من أحداث وأفراح وأحزان.. لا يعلم الغيب سوى الله أمر مسلّم به، ثم فلنسألهم هل استطاعوا تغيير شيء في حياتهم وفق تلك «التنبؤات» فمنعوا حزناً أو مرضاً أو مصيبة قبل وصولها إليهم؟ أبناء البرج الواحد ملايين فكيف سيعيشون نفس الأحداث ونفس المشاعر وينجحون جميعاً أو يفشلون جميعاً في نفس التوقيت؟ وما أدراهم بشكل حياة هؤلاء البشر وما الذي يعانونه وماذا يفعلون؟
بعض الصفحات لا تطوى، تبقى مفتوحة فنشعر وكأننا نقرأ منها سطوراً كل يوم، نكتب ونضيف ونستكمل وربما نكرر نفس الأخطاء إلى أن نحفظ الدرس جيداً ونتعلم منه العبرة، ونحسب أننا نمحو سطوراً من حياتنا لكي ننساها، لكننا نكتشف مع مرور الوقت أنها تعود لتظهر فجأة أمامنا فنتذكرها بكل تفاصيلها وكأنها تحصل الآن، ونكرر محاولة شطبها وتجاهلها، وتكرر هي خدعة الاختفاء طوعاً والعودة عنداً.
عام جديد نستقبله بالفرح لنتفاءل به، أو ربما لاعتقادنا بأنه سيتفاءل حين يرانا سعداء بقدومه فيكافئنا بأشهر من العسل! ليت الأيام تأتي على قدر الأماني.
https://tinyurl.com/yezpyue7
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







