الشارقة حاضنة الثقافة

22:01 مساء
قراءة دقيقتين

أحمد سالم البيرق

قبل 10 سنوات من اليوم، في العام 2015 بدأ - ما كان يطلق عليه (الربيع العربي) - يثبت لنا ما هو إلا مجرد خريف جفت أوراقه ويبست أغصانه سريعاً، إلا أنه خلّف خسائر جسيمة، وترك وراءه جرحاً غائراً في كل نفس تنتمي إلى هذه الأمة.
وفي إمارة الشارقة قبل 10 سنوات من اليوم أيضاً، التقى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بمجموعة من شعراء هذه الأمة - رغم ما تعانيه بلدانهم من محنة - إلا أنهم استجابوا لدعوته، فجاء اللقاء ليضمد جراحهم ومعاناتهم.
وفيه أكد سموه لضيوفه الشعراء، بأن الشارقة مستمرة في عطائها الثقافي وجهودها تجاه الثقافة، وستبقى الركن المتين لمساندة المثقفين، لا بقصد سحب البساط عمن سبقوها في هذا المجال من عواصم ومدن عربية كبيرة ضاربة في التاريخ، وإنما لتكون حاضنة لذلك الإرث الثقافي العظيم وحامية له حتى تعود تلك المدن مستقرة آمنة فيعود لها إرثها سالماً.
تلك الكلمات جبرت النفوس وطيبت الخواطر، ولم يكتف سموه بذلك، فوعدهم وأوفى بوعده حين أعلن مبادرته الكريمة بتأسيس بيوت للشعر في كل قطر عربي، تخدم الشعر العربي والشعراء العرب أدبياً وفكرياً وإنسانياً، واليوم تلك المبادرة تحتفي بذكراها العاشرة وهي تنعم برعاية واهتمام ومتابعة صاحب السمو حاكم الشارقة.
وقبل 5 سنوات، في العام 2020 عاد اللقاء ذاته ليعلن سموه استحداث جائزة تعنى بنقد الشعر، وقد استبشر الشعراء بذلك خيراً، وكانت رؤى سموه تستهدف التجويد في الشعر العربي والارتقاء به والمحافظة على مكانته ومستواه وعظمته التي يستمدها لا من أغراضه بل من لغته التي ينتمي إليها ويعبر بها.
وتتوالى عطاءات الشارقة من أجل الشعر، وفي منتصف أكتوبر الماضي يصبح لبيت الشعر في الشارقة مقر جديد أكبر وأفسح وبمرافق متعددة تخدم أعماله وأنشطته وتحقق تطلعاته ورؤاه، وفي حفل تدشين ذلك المقر الجديد أوضح صاحب السمو حاكم الشارقة، بأن الشاعر هو من يستحق أن يطلق عليه تسمية (إعلامي) لدوره الجلي في توثيق التاريخ بمختلف مجرياته وأحداثه، وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه أخلاقياً وفكرياً واجتماعياً، وعرض المنجزات وتبيان فوائدها وأهدافها، والدعوة الدائمة إلى الإقبال على الحياة بروح الرضا والتفاؤل، ذلك ما كان عليه الشعراء وهو ما يتطلب من وسائل الإعلام أن تقوم به اليوم.
مهمة الشعر تلك متأصلة فيه منذ فجره الأول، وكانت أساس وركيزة أغراضه، ولذلك سمي الشعر ديوان العرب، يضم تاريخهم وحياتهم، أناسهم وعمرانهم، سلمهم وحربهم، استقرارهم وترحالهم، منازلهم وأنغامهم، فلم يترك صغيرة ولا كبيرة ولا واردة ولا شاردة إلا تطرق لها ودونها.
قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي: «نتطلع إلى تجويد الشعر»، وهذه هي وصيته. أيها الشعراء أيها القائمون على الشعر اعملوا بها، فذلك أقل ما يمكن أن يرد الجميل لحاضن الثقافة.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"