ارتبط اسم المذيعة القديرة ليلى رستم بحوارات شهيرة أجريت مع عمالقة الأدب والفكر والفن في مصر، وربما في غيرها من البلدان العربية، كونها عملت أيضاً مذيعة في التلفزيون اللبناني، ومنها اللقاء الذي جمع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين مع نخبة من نجوم الأدب والفكر في مصر: يوسف السباعي، وثروت أباظة، وأمين يوسف غراب، وعبد الرحمن الشرقاوي، ونجيب محفوظ، وأنيس منصور، وكامل زهيري، وعبد الرحمن صدقي، وعبد الرحمن بدوي، ومحمود أمين العالم، الذي استثناه العميد من المأخذ الذي أخذه على أدباء الجيل التالي له بأنهم لا يقرؤون كما يكتبون.
نال صيتاً واسعاً أيضاً حوارها مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي تناولت فيه محطات حياته الفنية. وإضافة إلى طه حسين وعبد الوهاب حاورت ليلى رستم من الأدباء والصحفيين: توفيق الحكيم، ويوسف السباعي، وإحسان عبد القدوس، ومصطفى أمين، وعلي أمين، وغيرهم، ومن الفنانين عبد الحليم حافظ، وفاتن حمامة، وعمر الشريف، وأحمد رمزي، وغيرهم أيضاً، حيث تشير سيرتها إلى أنها حاورت نحو 150 شخصية من نجوم الحياة الثقافية والفنية يومذاك، حتى وصفت بأنها «صائدة المشاهير» لتستضيفهم في برامجها الشائقة، والتي ظلت تحتفظ حتى اليوم بجاذبية يلحظها من يعود إليها.
نشأت ليلى رستم في عائلة مثقفة، فوالدها هو المهندس عبد الحميد بك رستم، وهي ابنة شقيق الفنان زكي رستم، حصلت على ماجستير في الصحافة من جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة الأمريكية، وعملت كمذيعة ربط وقارئة نشرات إخبارية بالفرنسية، قبل أن تتألق في تقديم البرامج التلفزيونية، لتصبح من أوائل الإعلاميات اللاتي برزن مع انطلاق التليفزيون المصري في 21 يوليو/ تموز 1960، من خلال عدة برامج ناجحة جمعت بين السياسة والمجتمع والفن، بينها برامج «الغرفة المضيئة»، و«20 سؤال»، و«نجمك المفضل»، إضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم».
تميزت ليلى رستم، التي رحلت عن الدنيا قبل أيام قليلة عن عمر ناهز ال87، بعد صراع طويل مع المرض، بحضورها المميز في برامجها الحوارية، لما كانت عليه من دماثة ولطف، وجمال في الروح والمحيا، ومن تمكّن ثقافي أتاح لها سبر أغوار من تحاورهم، وحملهم على التحدث بعفوية عن تجاربهم، ومع أنها بدأت عملها في الإذاعة لكن تألقها برز أكثر بعد انتقالها إلى التلفزيون، لتغدو أحد أنجح وجوه شاشته، خاصة أن من حاورتهم كانوا في قلب الحراك الثقافي والفني في تلك الفترة التي تميزت بثرائها وعمق عطائها الذي كان هؤلاء النجوم من أهمّ صناعه.
برحيل ليلى رستم يغيب وجه مضيء من مرحلة «الأسود والأبيض» في التلفزيون، التي لن يكون تعسفاً القول إنها كانت في الكثير من الأوجه متفوقة على ما تلاها من مراحل.
[email protected]
https://tinyurl.com/mwjmfbzf