عادي

بالأدلة.. مفاجأة مدوية عن الشرارة الأولى لحرائق لوس أنجلوس

00:38 صباحا
قراءة 6 دقائق

إعداد محمد كمال
بعيداً عن نظريات المؤامرة التي شاعت بقوة في الولايات المتحدة، حول أسباب حرائق لوس أنجلوس المدمرة، والتي سوت أحياء بكاملها بالأرض، فقد ظهرت أدلة جديدة قد تقود إلى مفاجآت كبيرة عن الشرارة التي أججت الجحيم وامتدت من الغابات إلى المناطق السكنية.

الأدلة الجديدة التي كشفتها تسجيلات أجهزة الإطفاء، حيث أشارت إلى أن إنذار الحريق الأول الذي تم الإبلاغ عنه الثلاثاء الماضي، جاء بعد 30 دقيقة من تصاعد ألسنة اللهب في موقع بسلسلة جبلية مألوف لرجال الإطفاء، حيث كانوا هناك قبل ستة أيام للسيطرة على حريق ليلة رأس السنة والذي نجم ربما عن احتفالية الألعاب النارية.
ويقول الخبراء: إن الحريق الجديد بدأ بالقرب من الحريق القديم، ما يزيد من احتمالية اشتعال حريق ليلة رأس السنة مجدداً، وهو ما يمكن أن يحدث في ظروف عاصفة، وهو ما يعرفه المتخصصون بمصطلح «إعادة الاشتعال».
وما فاقم الأزمة بحسب صحيفة واشنطن بوست، أن استجابة رجال الإطفاء للحريق الجديد كانت أبطأ بكثير مما كانت عليه ليلة رأس السنة.
وبحسب الوثائق الأمريكية، فإن إعادة اشتعال الحرائق السابقة، سواء في كولورادو أو كاليفورنيا وهاواي، خلفت حرائق الغابات الأكثر كارثية وفتكاً في الولايات المتحدة. وفي الصيف الماضي، حذرت السلطات المحلية في كاليفورنيا السكان من أن الحرائق التي تمت السيطرة عليها يمكن أن تشتعل مجدداً، وتبقى خطرة لأسابيع، حيث يمكن للنار أن تبقى متأججة بشكل غير مكتشف تحت الركام أو داخل الخشب.
وعلى الرغم من التحذيرات من هبوب رياح شديدة وخطرة الأسبوع الماضي، فقد قال متحدث باسم إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس الجمعة، إنه ليس من المعتاد الحفاظ على دوريات في مواقع الحرائق السابقة، حتى لبضعة أيام بعد انتهاء الحرائق.
ويقول مايكل جولنر عالم الحرائق في جامعة كاليفورنيا: «نعلم أن الحرائق القديمة قد تشتعل من جديد.. من المحتمل بالتأكيد أن شيئاً من الحريق السابق قد اشتعل مرة أخرى في غضون أسبوع».
ويواصل المحققون البحث عن سبب حريق باليسايدس، والذي كان نواة سلسلة مرعبة من العواصف النارية التي استمرت لأيام والتي من شأنها أن تمس كل ركن من أركان منطقة لوس أنجلوس المترامية الأطراف تقريباً. خصوصاً بعد أن دمر خطوط الاحتواء وطال المباني السكنية، ودمر أكثر من 12000 منزل، وموجات نزوح وخسائر ضخمة.
ومع تراوح التكهنات بين سقوط معدات الطاقة والحرق المتعمد، فإن تحديد أصل الحرائق سيكون له آثار ضخمة وربما باهظة الثمن على الولايات المتحدة وكيفية إدارتها لمخاطر حرائق الغابات المتزايدة.
ومنذ بداية الحريق الثلاثاء، علمت السلطات المحلية أن الدخان بدأ في منطقة تيميسكال ريدج في جبال سانتا مونيكا، حيث وقع الحريق السابق، الذي يعتقد السكان أنه اندلع بسبب الألعاب النارية، وهو ما تؤيده صور الأقمار الصناعية.
مقاضاة من؟
وفي حين أدى سبب الحريق إلى تأجيج نظريات المؤامرة عبر الإنترنت، يفكر السكان وأصحاب الأعمال الآن في رفع دعاوى قضائية، بحثاً عن المسؤول عن الأضرار والخسائر الاقتصادية المقدرة حتى الآن بعشرات المليارات من الدولارات. في الوقت الذي قال المسؤولون: إن تحديد السبب قد يستغرق أسابيع أو أشهر.
في يوم الجمعة، اجتمع مسؤولو الإطفاء ومحققو الحرائق بالقرب من موقع الحريق السابق، وطرقوا أبواب المنازل التي كانت لا تزال قائمة، وسألوا السكان عما رأوه، وما الذي اعتقدوا أنه قد يكون السبب وراء ذلك.
وفي إحدى المحادثات، قال أحد شهود العيان: إن هذه الكارثة بدأت في ليلة رأس السنة الجديدة، حيث يصعد الناس ليلاً ويحتفلون بالمخالفة للنظم المتعارفة. وقال: إن عائلته سمعت صوت إطلاق الألعاب النارية ولاحظت اندلاع حريق نحو الساعة 12:20 صباحاً.
حريق رأس السنة
بعد منتصف ليل الأول من يناير/ كانون الثاني بقليل، استجاب رجال الإطفاء لحريق شمال شرق منطقة باسيفيك باليساديس، حيث غطى في البداية 3 إلى 4 أفدنة وكان معدل انتشاره بطيئاً. وكانت الرياح خفيفة نسبياً، وتمكنت المروحيات من إسقاط قطرات الماء. ثم تم إرسال أربعة أطقم للمخيم، وكان رجال الإطفاء موجودين للدفاع عن منزل واحد على الأقل. وفي ظل الظروف المثالية تقريباً، استغرق احتواء الحريق نحو أربع ساعات.
وقال جاكوب بنديكس، أستاذ الجغرافيا والبيئة الفخري بجامعة سيراكيوز، إنه نشر بحثاً في عام 2018 يشير إلى أن الحريق يمكن أن يظل مشتعلاً لمدة تصل إلى 10 أيام تحت الركام، قبل أن تؤججه الرياح مرة أخرى. وأضاف أنه من المعتاد أن تتسبب تقلبات الطقس بعد الحريق في إعادة الإشعال.
البحث عن سبب
تمتد معدات إدارة المياه والطاقة في لوس أنجلوس عبر جزء من جبال سانتا مونيكا بالقرب من مصدر الحريق. وعلى عكس العديد من المرافق الأخرى، لا تقوم الأجهزة المعنية بقطع الطاقة عن العملاء أثناء الرياح الخطرة، وذكرت في خطتها للتخفيف من حرائق الغابات أنها «قررت أن التأثير السلبي في الصحة والسلامة ونوعية الحياة يتجاوز الفوائد المتصورة المستمدة من قطع الكهرباء بشكل استباقي».
وقد دفع ذلك بعض السكان والمحامين إلى التكهن بأن المعدات المحترقة قرب بداية الحريق ربما كان لها دور في التسبب في الكارثة، كما فعلت في العديد من الحرائق السابقة.
وفي وقت مبكر، بعد اندلاع الحريق، قال كابتن إطفاء لوس أنجلوس آدم فانجيربن: إن الأمر بدأ في «فناء خلفي» وانتشر على طول خط القمم، حيث دفعت الرياح غير المنتظمة الجمر «في جميع الأنحاء عبر الحواجز»، لكنه عاد للقول، إنه كان مخطئاً.
شائعات مثيرة
يوم الخميس، كان أليكس جونز، أحد أشهر منظري المؤامرة في العالم، ينشر على موقع إكس أن رجال الإطفاء في لوس أنجلوس كانوا يكافحون الحرائق باستخدام حقائب اليد النسائية، وسرعان ما أوضحت السلطات المحلية أن «حقائب اليد» كانت في الواقع أكياساً من القماش يحملها رجال الإطفاء بشكل روتيني إلى حريقين صغيرين، لأن هذا أسهل وأسرع من سحب الخراطيم وتوصيلها.
ويزيد الوضع تعقيداً، ظهور المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، مثلما ظهرت صور ملفقة لألسنة اللهب حول علامة هوليوود الشهيرة، والتي نجت في الواقع من الضرر.
ثم كانت هناك ادعاءات غريبة مثل تلك المتعلقة باندلاع حريق نابع إلى حد كبير من «طقوس شيطانية» مرتبطة ب «قصر مخيف ذي سقف أحمر مستوحى من فيلم رعب»، وقد جرى تداول هذه الشائعة بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ثم ظهرت مزاعم حول وجود أشخاص يتعمدون إشعال الحرائق، وهو ما لم يتم تأكيده، على الرغم من أن الشرطة احتجزت رجلاً بسبب حريق متعمد محتمل بالقرب من المكان الذي اندلع فيه حريق جديد الخميس، إلا أن المسؤولين قالوا، إنهم لم يبدوا أدلة قوية لاعتقاله بتهمة الحرق العمد، وبدلاً من ذلك تم القبض عليه بسبب انتهاك المراقبة.
استئجار رجال إطفاء
وفي ظل اتهامات بالتقصير في الاستجابة وعدم وجود العناصر الكافية، فقد تحدثت وسائل إعلام أن النخبة في لوس أنجلوس لجأت إلى استئجار رجال إطفاء خاصين يتقاضون 2000 دولار في الساعة، لحماية ممتلكاتهم، بينما يتم إسقاط المواد الكيميائية الوردية على منطقة المشاهير لحماية المنازل التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وهي خطوة أثارت حفيظة الكثيرين.
وإضافة إلى ذلك، فقد تعرض نخبة لوس أنجلوس للانتقاد بسبب الإسراف في المياه التي كان من الممكن استخدامها لإنقاذ المنازل.
استهلاك المشاهير للمياه
ومنذ عام 2022 يتم تطبيق إجراءات صارمة للحفاظ على المياه، حيث تم إلزام السكان بري حدائقهم مرتين في الأسبوع لمدة ثماني دقائق في المرة الواحدة. وتم تغريم كيم كارداشيان، التي تعيش في منزل بقيمة 60 مليون دولار، من قبل سلطات المدينة في ذلك العام لاستخدامها 232 ألف جالون من المياه أكثر من المخصص لها. كما تم تغريم مشاهير آخرين من بينهم سيلفستر ستالون والممثل الكوميدي كيفن هارت.
وحتى الأحد، اتسعت مساحة حرائق باليساديس، غرب وسط مدينة لوس أنجلوس، إلى نحو 22660 فداناً مع نسبة احتواء بلغت 11%، فيما بلغ حريق إيتون شمال شرق لوس أنجلوس 14100 فدان مع احتواء بنسبة 15%. كما ارتفع عدد القتلى إلى 16 شخصاً، فيما تكافح الطواقم لوقف الحرائق المنتشرة قبل عودة الرياح القوية المحتملة التي قد تدفع النيران نحو بعض أشهر معالم المدينة.

https://tinyurl.com/y54zum3d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"