د.باسمة يونس
تتميز المهرجانات الإماراتية بكونها جسوراً تربط التراث بالحاضر، وتعزز الانتماء للبيئة والثقافة لبناء مجتمع متماسك، يتناغم فيه الحاضر مع الماضي، ويستمد طاقته من بيئته وتراثه.
فمن قلب الصحراء تتجلى المهرجانات كفعاليات تعكس عمق الانتماء للبيئة وثقافتها الغنية وميدان تُحيي فيه العادات والتقاليد بروح العصر ومنها على سبيل المثال لا الحصر مهرجان المسرح الصحراوي بتجربة المزج بين فنون الأداء وعظمة الطبيعة الصحراوية العربية وعاداتها وموروثها.
ويأتي مهرجان المرموم بفعاليات ثرية وعروض سينمائية تمزج بين التراث والحداثة وتخلق بيئة تجمع
بين الموهوبين والمحترفين، وتقرب الحياة اليوم من ملامح ماضٍ يتميز بقيم الأصالة والكرم والتواصل بين الأجيال في أجواء تحمل عبق الصحراء وسحرها، وتصبح الرمال شاشة تتوهج بالصور والألوان، وتتحول السماء إلى سقف مفتوح يتسع لخيال لا حدود له يجسد رحلة الامارات من قلب الصحراء نحو الراهن الذي حطت فيه على جناح مستقبل يشبع الروح بمعاني الهوية الثقافية.
حين يُذكر التراث يبرز مهرجان الشيخ زايد للتراث الذي يجمع الأسر من كل الجنسيات لتتلاقى القلوب في مكان يرمز للأصالة ويجذب المشاركين للانطلاق في رحلة مختلفة والتمتع في أجواء ضاحية الوثبة كواحدة من أجمل ضواحي العاصمة أبوظبي.
ما حققه مهرجان ليوا للرطب لا يتوقف عند حدود فعالياته التي تحتفي بالماضي وتبني للمستقبل، فهو يهدف لتجويد نوعية الزراعة والتوعية بأهميتها، كما يعد حدثاً تراثياً مهماً، ويلعب دوراً كبيراً في تعزيز انتماء الأجيال الشابة لرمز من أهم رموز البيئة الإماراتية ألا وهي النخلة التي تتنوع فوائدها وتتميز بصفتها جزءاً من تراث الفن والغذاء والبناء والأدوات والحرف التقليدية التراثية.
وأضاف مهرجان ليوا الدولي في «تل مرعب» للإمارات علامة فارقة على الخريطة الثقافية، فهو يعكس عظمة بيئة الواحات وصمودها ويعكس الطموح الإماراتي في إشباع شغف الشباب من المغامرين وعشاق السباقات ورياضة السيارات ضمن محيط آمن وفي بيئة طبيعة خلابة قادرة على استيعاب حماسهم ورغبتهم في تفجير طاقاتهم.
ومن فضاء واسع يتلاقى فيه الشباب لممارسة رياضة تحدي الرمال، إلى حدث سنوي عالمي يلتقي فيه الآلاف وتبنى المخيمات بحرفية عالية ما جعله وبامتياز ملتقى للأجيال وميداناً للتعلم والإبداع.
إن أقل ما يمكن قوله إن المهرجانات التراثية والثقافية الإماراتية ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي استراتيجيات مستدامة تهدف إلى غرس حب البيئة والثقافة في نفوس أبناء الوطن بجودتها العالية وتنظيمها المتقن، وتبرز بدورها مكانة الإمارات كحاضنة للثقافة والتراث، وتعزز التواصل بين الماضي والحاضر، وتجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم للتعرف إلى روعة الصحراء وسحر الحياة الإماراتية.
