تعليقاً على مقالنا عن: من يختار أغلفة الكتب، أهُم مؤلفوها أم أن الناشرين من يتولون ذلك؟ بحيث لا تصح مساءلة المؤلف حول مدى ملاءمة تصميم الغلاف لمحتوى كتابه، كتب لي أحد الأصدقاء تعليقاً قال فيه إنه يعتقد أن التطور السريع الحاصل في حقل الذكاء الاصطناعي سوف يفسح المجال للمؤلف لتصميم أغلفة مؤلفاته بنفسه باستخدام البرامج المتوفرة على الحاسوب، دون الاستعانة بأحد. وبمجرد إعطاء تعليمات بسيطة مع ربطها بالفكرة التي حولها يدور محتوى الكتاب، سوف يقوم البرنامج بإنتاج عدة تصاميم للاختيار، قد تحتاج إلى تعديلات هنا أو هناك، لكنها سوف تنجز أكثر من 80% من العمل. وقد تكون دور النشر باشرت فعلاً بهذا الأسلوب لتوفر كلفة المصممين الذين تستعين بهم لتصميم أغلفة ما تنشره من كتب.
الصديق نفسه أرفق تعليقه هذا بصورة لما فاضت به قريحة تطبيق «شات جي بي تي»، حين سأله عن شخصي المتواضع، وبعد قراءة السطور المرسلة، بوسعي القول إنها ليست دقيقة تماماً في كل ما قالته، لكنها، رغم ذلك، تضمنت بيانات صحيحة ومصاغة بشكل مقبول أيضأ، ربما يحتاج أي شخص إلى وقت وجهد لجمعها، فيما وفرها التطبيق لهذا الصديق بسرعة قياسية، قد لا يستطيع الباحث الفرد بلوغها كلها، فما بالنا إذا دار البحث عن شخصيات شديدة التأثير في مجتمعاتها أو في تاريخ هذه المجتمعات، أو لها إسهامات مشهودة في تطور المعارف، ما ييسر مادة واسعة ومتشعبة عنها في قواعد البيانات في العالم الافتراضي.
وحتى في حال لم يحقق هذا العالم الافتراضي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المرتبطة به التي تتغذى من البيانات المتيسرة عليه، كونها لا تملك الإحاطة المطلوبة بكافة المواضيع، ولا حتى بالجوانب المختلفة لموضوع منفرد من الموضوعات، خاصة إذا دار الحديث عن لغات غير اللغة الإنجليزية بالذات، فإن ما هو متاح في هذا العالم الافتراض من بيانات يبقى مرشداً لأي باحث، ويفتح له أبواباً ما كان يعلم بأمرها.
لا يخلو الأمر من مآخذ وتحفظات أشرنا إليها في مقال سابق عن الموضوع نفسه، طرحها باحثون مختصون نبّهوا إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ليست إبداعية أو خلاقة للمحتوى، وكل ما تفعله هو جمع «الأفكار والأساليب من مئات آلاف النصوص من كل الآداب الإنسانية على مرّ العصور، ثم (ينمطها) على مقياس صناعي واحد في توليد الأفكار وأسلوب السرد»، كما يقول هؤلاء الباحثون.
هذا المأخذ أو سواه من مآخذ مشابهة لا يحجب، ولن يحجب، حقيقة أن الذكاء الاصطناعي غدا شريكاً في كثير من أوجه الحياة، بغض النظر عما هو إيجابي وما هو سلبي في الأمر.
https://tinyurl.com/5njj888n
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







