لنا في الخوارزميات نصيب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

شبّه أحد الكتّاب علاقتنا بعالم الخوارزميات بعلاقتنا مع مكتبة كبيرة تحتوي على عددٍ كبير من الكتب. تقوم هذه الخوارزميات بدور المساعدين في المكتبة الذين يتأكدون من أنه يمكننا العثور على الكتاب المناسب بسرعة، حيث تستخدم «رمزاً سرّياً للنظر في الكلمات الموجودة داخل الكتب ومساعدتنا في العثور على الكلمات التي نبحث عنها».
وقبل أن نأتي على اسم الكاتب قائل هذا القول، لنورد تعريفاً للخوارزمية يصفها بأنها «مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مسألة ما». لا يبتعد هذا التعريف كثيراً عما نقلناه عن الكاتب جوي سليم الذي شبّه الخوارزمية بمساعدي المكتبة، «الأذكياء للغاية».
أما لماذا لنا في هذه الخوارزمية نصيب، فالأمر آت من اسمها، نسبة إلى العالم أبي جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي، لتدخل المفردة في اللغات اللاتينية والأوروبية، ولأنه لا حدود للعلم، فإن المفهوم عند الخوارزمي اقتصر على ثلاثة تراكيب لا زالت تحتفظ بأهميتها هي: التسلسل والاختيار والتكرار، لكن خوارزمية العصر الحالي تخطت ذلك، في وضع لم نعد نتبين فيه ما الفاصل بين الواقعي والافتراضي، وبات متعذراً الاستغناء عن الخوارزميات بوصفها مجموعة من التعليمات والقواعد التي يجب اتباعها لحل مشكلة أو إكمال مهمة.
ولنقف عند التركيب الثالث، أي التكرار، الذي رأى عالمنا أبو جعفر الخوارزمي أنه ضروري لحلّ بعض المسائل، حيث لا بد من إعادة نفس تسلسل الخطوات عدة مرات، وهو قول يساعدنا على فهم ما أورده جوي سليم في تقريره عن الموضوع، حين سأل كل واحد منا: «هل حدث أن اقترح عليك «إنستغرام» أو«فيسبوك» إعلاناً لشيء فكّرت فيه للتوّ، فكّرت فيه فقط، ولم تبحث عنه على الإنترنت على الإطلاق؟»، ملاحظاً أن هذا يتكرر مع مستخدمين كثر، ويثير في نفوسهم «رعباً» من كون تلك المنصّات باتت قادرة على قراءة أفكارهم، فيبدو هذا مصداقاً للقول بأننا بالفعل في حيرة حول في أي من العالمين نحن نعيش، أفي الواقعي أم الافتراضي؟
يرجع الكاتب ذلك إلى ما يسميه المختصون «الفائض السلوكي»، وهو «الذي يُستخرج غالباً، حسب وصفه، من «قمامة» بياناتنا على الإنترنت، التي نظنّها ضائعة أو غير موظّفة، لكنها في الواقع «دجاجة تبيض ذهباً» بالنسبة للمنصّات التجارية التي تتعلّم بواسطتها، مرّةً بعد أخرى، كيف تستهدفنا بشكلٍ أفضل». وينشأ هذا الفائض السلوكي عن طريق الإعجاب بالمنشورات أو التعليق أو مشاركة المحتوى أو حتى مجرد المرور على الصفحة الرئيسية لأي منصة، ما يمكّن تلك المنصة من جمع بيانات عن سلوكك وتفضيلاتك، ويجعلها قارئة ماهرة لما يجول في خاطرك ويستحوذ على اهتمامك.

[email protected]

https://tinyurl.com/p6u9avvn

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"