في كل علاقة إنسانية سواء بين الأزواج، أو بين الأصدقاء، أو بين زملاء الدراسة والعمل، وغيرها الكثير، تتدفق الكلمات كالجسور التي تصل بين القلوب، لكن ماذا عن الكلمات التي تبقى حبيسة الأعماق؟ تلك التي تتوقف عن البوح بها خوفاً أو تردداً، تاركة فراغاً صامتاً في مساحة التواصل، الأحاديث التي لا تقال ليست مجرد كلمات غير منطوقة، بل هي أحمال عاطفية قد تثقل العلاقات وتجعلها هشة، حتى لو كانت تبدو قوية من الخارج
في لحظات الصراع أو سوء الفهم، قد يكون الصمت أداة للحماية، لكن في بعض الأحيان يصبح حاجزاً غير مرئي يعوق بناء الثقة، عندما نتجنب الحديث عن مشاعرنا، أو نكتم ملحوظات بناءة، نفقد فرصاً ثمينة لفهم بعضنا بعضاً بشكل أعمق، الصمت قد يحمينا مؤقتاً من مواجهة اللحظة، لكنه يترك أثراً دائماً قد يطفو على السطح في أوقات غير متوقعة.
الأحاديث التي لا تقال لا تتعلق فقط بالمشكلات، بل تمتد أيضاً إلى الامتنان والحب، كم من مرة شعرنا بالشكر العميق أو الحب الكبير تجاه شخص، لكننا تركنا تلك الكلمات حبيسة في صدورنا. هذا الغياب قد يشعر الآخر بعدم التقدير، حتى وإن كان الواقع مختلفاً تماماً، في هذه الحالات، الصمت لا يعني الرضا، بل قد يفهم على أنه إهمال أو برود.
نحتاج إلى شجاعة الحديث، البوحُ بما يجول في خواطرنا بطريقة صادقة ولطيفة يمكن أن يفتح أبواب التفاهم، ويقوي الروابط العاطفية. الكلمات لها قوة جبارة، سواء كانت للاعتذار أو الشكر أو التعبير عن الحب. عندما نقرر التحدث بدلاً من الصمت نعطي العلاقة، أياً كان نوعها، فرصة للنمو بدلاً من الجمود.
الكلمات غير المنطوقة لا تختفي، بل تبقى بيننا كأرواح خفية تؤثر على مشاعرنا وقراراتنا. من خلال مواجهة هذه الكلمات وإطلاقها نعيد بناء جسور الثقة والتفاهم مع الآخرين، فالتواصل الحقيقي ليس في عدد الكلمات، بل في صدقها وقدرتها على التعبير عما يعجز القلب عن حمله بمفرده.
ولعل أثر الكلمات المنطوقة وقتي ويزول بالإيضاح والتبرير والشرح، لكن أثر الصمت يوغل في القلوب، ويسبب حالة من سوء الفهم والظن، ومعها يتم بناء أحكام وقرارات قد تسبب الابتعاد وانهيار تلك العلاقة. وكما يقال تحدّث حتى أراك، بالكلام يحدث الحوار والتفاهم.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/mt894bf8
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا






