لبنان-أ.ف.ب
قتل 22 شخصاً على الأقل بنيران قوات إسرائيلية، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الأحد، مع اندفاع مئات اللبنانيين منذ الصباح الباكر ومحاولتهم دخول بلدات وقرى حدودية لم ينسحب منها الجيش الإسرائيلي.
وهذه الحصيلة اليومية هي الأكبر منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله فجر 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، والذي وضع حداً لنزاع بين الطرفين بدأ قبل أكثر من عام. وبموجب الاتفاق، كان أمام القوات الإسرائيلية حتى، الأحد، لتنسحب من مناطق حدودية توغلت فيها خلال الحرب. لكن إسرائيل أكدت هذا الأسبوع أن قواتها ستبقى لما بعد مهلة الـ60 يوماً، بينما اتهمها الجيش اللبناني بـ«المماطلة».
ومنذ صباح الأحد، تقدمت مواكب من مئات السيارات والدراجات النارية نحو بلدات لا يزال الجيش الإسرائيلي فيها، مثل كفركلا وميس الجبل وحولا.
وأفادت وزارة الصحة بأن «اعتداءات إسرائيل خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة» أدت إلى مقتل 22 شخصاً على الأقل بينهم ثلاث نساء وجندي لبناني. وأشارت إلى إصابة أكثر من 80 شخصاً.
وأكد الجيش اللبناني، أن مقتل الجندي أتى «في سياق اعتداءاته (الجيش الإسرائيلي) المتواصلة على المواطنين وعناصر الجيش (اللبناني) في المناطق الحدودية الجنوبية».
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق النار «بهدف إبعاد وإزالة تهديدات في عدة مناطق تم رصد مشتبه فيهم يقتربون منها». وأوضح المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي: «تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم في المنطقة بعد أن تحركوا بالقرب من القوات وشكلوا تهديداً حقيقياً». وكان المتحدث قد حذّر السكان من العودة إلى القرى والبلدات الحدودية.
وحاول جنود لبنانيون ثني الناس عن التقدم، لكن العديد منهم واصلوا طريقهم. وأكد الجيش اللبناني أنه «يواكب دخول المواطنين» إلى بلدات حدودية، داعياً إياهم إلى «ضبط النفس واتباع توجيهات الوحدات العسكرية حفاظاً على سلامتهم».
وأظهرت لقطات من ميس الجبل، جنوداً لبنانيين وأشخاصاً، على بعد أمتار من دبابة ميركافا وجنود إسرائيليين. وقال علي حرب (27 عاماً) على أطراف كفركلا: «في نهاية المطاف سنعود إلى قرانا، كل الناس ستعود إلى قراها. إسرائيل سترحل، غصباً عنها سترحل حتى لو كلّفنا الأمر حياتنا، نحن جاهزون».
جبهة «إسناد»
وفتح حزب الله جبهة «إسناد» غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023. واعتباراً من أيلول/سبتمبر 2024، كثّفت إسرائيل غاراتها على معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، ونفذت عمليات توغل برية في مناطق حدودية واسعة.
ونزح نحو 900 ألف شخص في لبنان وقتل أكثر من أربعة آلاف شخص خلال المواجهات على مدى أكثر من عام، أغلبهم منذ أيلول/سبتمبر 2024، بحسب السلطات.
وبموجب الاتفاق المبرم بوساطة أمريكية، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوماً، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل).
كما يتوجب على حزب الله، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.
دعوة فرنسية للانسحاب
وتبادل لبنان وإسرائيل خلال الأسابيع الماضية الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار الذي تمّ إبرامه بوساطة أمريكية، وتشرف على تنفيذه لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».
وأعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «سحب قواته التي لا تزال منتشرة في لبنان»، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما، الأحد.
وقالت الرئاسة الفرنسية، إن ماكرون شدد «على أهمية ألا يقوض أي شيء جهود السلطات اللبنانية الجديدة لاستعادة سلطة الدولة على كامل أراضي بلادها».
والتوتر، الأحد، هو الأخطر في جنوب لبنان منذ انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيساً للجمهورية في التاسع من كانون الثاني/يناير.
ودعا عون سكان الجنوب إلى «ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا وتأمين عودتكم الآمنة»، مؤكداً: «أنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم».
كما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الأحد، «الدول التي رعت تفاهم وقف النار إلى تحمّل مسؤولياتها في ردع العدوان وإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي تحتلها».
في المقابل، اعتبرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ورئيس بعثة قوة «اليونيفيل»، في بيان مشترك، أن «الظروف ليست مهيأة بعد لعودة آمنة للمواطنين إلى قراهم» الحدودية.
وشدد البيان على وجوب «امتثال الطرفين لالتزاماتهما بموجب تفاهم نوفمبر/تشرين الثاني والتنفيذ الكامل للقرار 1701 هو السبيل الوحيد لإغلاق الفصل المظلم الأخير من النزاع وفتح فصل جديد يبشر بالأمن والاستقرار والازدهار على جانبي الخط الأزرق».
ورغم سريان الهدنة، أعلنت إسرائيل مراراً تنفيذ ضربات ضد منشآت أو أسلحة للحزب، بينما يفيد الإعلام الرسمي اللبناني بقيام القوات الإسرائيلية بعمليات تفخيخ وتفجير لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية.