التفاتة ثقافية نوعية مهمة من الشارقة، مدينة النور والثقافة، بتنظيمها مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي الذي انطلقت دورته الأولى بشعار «حكاية إفريقيا»، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتوجيهات الشيخة بدور القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة، في المدينة الجامعية، وتشمل فعالياته حلقات نقاشية وندوات ملهمة وورش عمل للأطفال، ويستضيف كتّاباً من الإمارات ومن بلدان إفريقية وعربية، إلى جانب حفلات موسيقية وعروض متجولة تحتفي بثراء الثقافة الإفريقية، وتعيد التأكيد على ما يجمع الثقافتين العربية والإفريقية من أواصر ووشائج، والتعريف بالأدب الإفريقي المعروف بثرائه، وبأثره الكبير في الثقافة العالمية.
مهرجان ثقافي مهم، يؤكد المكانة البارزة للشارقة كحاضرة ثقافية تحتضن التنوع الثقافي الذي يشكل روافد الثقافة العالمية، انطلاقاً من تأكيد البعد العالمي للثقافة العربية التي أثرت وتأثرت بالثقافات العالمية المختلفة، أغنتها واغتنت بها، وهذا هو شأن الفعل الثقافي والحضاري في العالم عبر التاريخ، فما بالنا بالعلاقة بين ثقافتنا وفنوننا والثقافة والفن الإفريقيين؟ كون نحو نصف مساحة وطننا العربي يقع في القارة الإفريقية، ومن بين دولنا العربية في إفريقيا دول محورية واسعة المساحة وكثيرة السكان، بل تبدو معلومة لافتة أن اسم إفريقيا ذاته كان يطلق في الأصل على أقاليم داخلة اليوم في العالم العربي، قبل أن يصبح اسماً للقارة كلها، فقد كانت قرطاج إحدى أهم المدن التاريخية في تونس عاصمة إقليم إفريقيا، ما يجعل من المحال تصور العالم العربي بدون العمق الإفريقي، ويصحّ هذا على الثقافة بدرجة كبيرة.
ربما يعد المغرب العربي بدوله المختلفة نموذجاً مهماً من التفاعل الخلاق بين البيئة الإفريقية، جغرافياً وتاريخاً، وثقافتنا العربية، فأعطتنا نموذجاً متميزاً ثرياً من العطاء الثقافي الثري، وكان الشمال الإفريقي جسر العرب إلى الأندلس التي أسسوا فيها حضارة عظيمة دامت ثمانية قرون وما زالت آثارها شاهدة عليها، فالمغرب العربي الإفريقي هو محطة عبور المشرق العربي، الشامي منه بدرجة أساسية، نحو أوروبا. كما أن دولة عربية كبيرة كالسودان تقدّم، في ثقافتها وفنها، نموذجاً آخر مهماً على التفاعل بين ما هو عربي وإفريقي، وهذا يصح، بنسب متفاوتة، على بلدان أخرى.
تجمع بين بلدان الخليج العربي وإفريقيا أواصر مهمة، تعد التجارة أحد أوجهها، وأدى الحكم العربي العماني لزنجبار الذي دام لفترة من الزمن أحد عوامل التأثير الثقافي الذي تركه العرب في القارة، ويمكن النظر إلى سيرة وتجربة حامل نوبل الروائي عبد الرزاق قرنح، الذي هو أحد ضيوف مهرجان الشارقة الحالي، كمثل حي على هذا التأثير، متعدد الأوجه الذي يسم الثقافة الإفريقية التي يحل ممثلوها ضيوفاً على الشارقة.
[email protected]
https://tinyurl.com/4pjzvbz2
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا






