إسرائيل ونقض الاتفاقات

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

يبدو أن إسرائيل التي أُكرهت على توقيع اتفاق وقف إطلاق في لبنان ثم في غزة، تحاول التعويض عن الضغوط الداخلية والخارجية التي تعرضت لها بالمماطلة واختلاق الذرائع الواهية لعرقلة تنفيذ الاتفاقات للابتزاز أولاً، وثانياً لتحقيق مكاسب لم تتمكن من تحقيقها بالحرب سعياً لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف ومنع انفراط عقد الائتلاف الحكومي.
في لبنان، حاولت إسرائيل، أثناء مفاوضات وقف إطلاق النار، انتزاع موافقة لبنانية على «حرية الحركة» أي موافقة لبنان على استباحة سيادته براً وجواً وبحراً بذريعة الاشتباه بوجود خرق هنا أو هناك، وهو الأمر الذي وُوجِه برفض قاطع من الدولة اللبنانية. وبالتالي لجأت إسرائيل من جانب واحد إلى تثبيت مفهومها لـ«حرية الحركة» عبر خروقات يومية بلغت المئات تحت أنظار لجنة الإشراف والمراقبة الخماسية وقوات «اليونيفيل»، وواصلت عمليات التدمير الممنهج وإحراق القرى والبلدات اللبنانية في الجنوب، بذريعة وجود أنفاق ومخازن أسلحة وصواريخ.
وكان بإمكانها لو أرادت الالتزام بالاتفاق أن تبلغ لجنة المراقبة عن أماكن الأنفاق ومخازن هذه الأسلحة لكي تقوم قوات «اليونيفيل» والجيش اللبناني بمصادرتها وتدميرها، خصوصاً بعدما أعلنا أنهما قاما بتفكيك عشرات مخازن الأسلحة والصواريخ منذ بدء سريان وقف إطلاق النار.
الذريعة الكبرى التي تسوقها إسرائيل لتأخير انسحابها من الجنوب اللبناني، أن لبنان لم يطبق بنود القرار 1701 بالكامل، وهو الأساس الذي بني عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بدفع عناصر «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وبسط سيطرتها على الجنوب.
وخلافاً لما تدعيه إسرائيل فإن البطء بانتشار الجيش اللبناني سببه العرقلة الإسرائيلية المتعمدة، التلكوء في انسحابها من المناطق التي تحتلها في الجنوب.
أما تجاوز مهلة الـ60 يوماً المنصوص عليها في الاتفاق، فهو يحمل الكثير من التحدي لضامني الاتفاق أنفسهم وفي المقدمة الولايات المتحدة وفرنسا، وتضع مصداقيتهما على المحك. كما أنه يكشف عن أهداف أخرى، سواء لجهة اختبار استعداد «حزب الله» للعودة إلى القتال، في ظروف لا تبدو متوازنة مع انتخاب رئيس جديد للبنان وتكليف رئيس للوزراء لتشكيل حكومة جديدة، أو إحراج «حزب الله» أمام بيئته الشعبية في حال عدم الرد على خرق للاتفاق بهذا الحجم.
وفي غزة، ينجلي المشهد عن وضع مشابه تقريباً، من حيث الخروقات الإسرائيلية اليومية، والبحث عن ذرائع واهية لتعطيل الاتفاق، كما ظهر في الدفعة الثانية من صفقة التبادل، حينما تذرعت إسرائيل بحدوث خطأ في إطلاق أسيرة بدل أخرى لمنع النازحين من العودة إلى منازلهم في شمال القطاع، رغم الإعلان عن أن الأسيرة المعنية سيطلق سراحها في الدفعة الثالثة.
وفي كلا الحالتين، تحاول إسرائيل الظهور بمظهر الطرف القوي القادر على فرض الشروط والإملاءات، وبأنها لا تعبأ بأي اتفاقات، سعياً وراء تحقيق صورة نصر ليست موجودة على الإطلاق، وإلا لكانت أعلنتها واحتفلت بها منذ زمن.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"