واصل مئات آلاف النازحين الفلسطينيين عودتهم إلى شمال قطاع غزة عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين لليوم الثاني على التوالي أمس الثلاثاء، وسط ظروف شاقة وصعبة، ليصلوا إلى أطلال بيوتهم المهدمة، لكن فرحتهم بلقاء أفراد أسرهم بعد فراق طال تهون عليهم عناء رحلتهم الطويلة التي يقومون بها سيراً على الأقدام، في وقت تتواصل فيه الجهود لتهيئة الأجواء لمفاوضات المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار بدءا من الثلاثاء المقبل، بينما نفت مصر حدوث اتصال بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب بشأن «نقل سكان غزة».
وفي اليوم العاشر من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وصل النازحون الذين شردتهم الحرب إلى شمال قطاع غزة يغمرهم شعور بالفرح المجبول بالفزع أمام حجم الدمار الذي لحق بأحيائهم. وبين الطوابير الطويلة للفلسطينيين العائدين، جثا رجل على الأرض وجمع في كفه حفنة من التراب وشمها.
ومن حوله، وفي كل اتجاه، علت الوجوه المبتسمة نظرات الدهشة والترقب، وفيما رفع البعض إشارة النصر، وقف آخرون متجمدين في مكانهم لا يقوون على الحركة من هول الدمار الذي طال أكثر من 60% من المباني وفقاً للأمم المتحدة. ويلتقط البعض صوراً لعودتهم في محيط من الركام وسط الوحول وبرك مياه الصرف الصحي الآسنة.
والعديد من العائدين، الذين حملوا في كثير من الأحيان ما تبقى لهم من ممتلكات شخصية وأمتعة في رحلات النزوح خلال الحرب، ساروا 20 كيلومتراً أو أكثر على امتداد الطريق الساحلي السريع شمالاً.
ونفت مصر، أمس، التقارير الإعلامية التي أفادت بأنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب أجريا محادثة عبر الهاتف بشأن الوضع في قطاع غزة.
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات «نفى مصدر مسؤول رفيع المستوى ما تناولته وسائل الإعلام من إجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين المصري والأمريكي»، مضيفة أنّ أي اتصال هاتفي يجريه الرئيس المصري مع رؤساء الدول «يتم الإعلان عنه وفقاً للمتّبع».

وكان ترامب كشف أنه تحدث مع السيسي بشأن ملف نقل عدد من سكان غزة رغم الرفض التام من قبل القاهرة وعمان وكذلك عدد من العواصم العربية والمنظمات الدولية لهذه الخطوة باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي.
وقال ترامب للصحفيين، مساء أمس الأول الاثنين «أرغب في جعلهم (فلسطينيي غزة) يعيشون في منطقة يمكنهم العيش فيها دون اضطراب أو ثورة أو عنف»، وفقاً لما ذكره البيت الأبيض موضحاً أنه تحدث إلى السيسي بشأن هذه المسألة، لكنه لم يقدم تفاصيل إضافية
وجددت قطر، أمس الثلاثاء، دعمها لحل الدولتين بعدما كرر ترامب دعوته لنقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن. وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن بلاده تواصل تهيئة الأجواء لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وأضاف الأنصاري، خلال مؤتمر صحفي في الدوحة، أن قطر لا تعتقد أنه كان هناك خرق حقيقي للاتفاق يؤدي إلى التصعيد أو فشل الهدنة في غزة.
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن التهجير القسري لفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن وفق ما اقترحه ترامب سيكون «غير مقبول» ومن شأنه تقويض حلّ الدولتين.
وقال الناطق باسم الخارجية في بيان إن «أيّ تهجير قسري لسكان من غزة سيكون غير مقبول»، مشيراً إلى أن ذلك «ليس انتهاكاً خطراً للقانون الدولي فحسب بل إنه أيضاً تقويض كبير لحلّ الدولتين وعنصر مزعزع لاستقرار شريكينا المقرّبين مصر والأردن».
وإلى القاهرة وصل وفد رفيع المستوى من حركة «حماس» برئاسة محمد درويش رئيس المجلس القيادي للحركة لإجراء محادثات مع الوسطاء المصريين، واستقبال 70 فلسطينياً أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية ووصلوا إلى القاهرة قبل نقلهم إلى دولة ثالثة مستعدة لاستضافتهم. وقالت «حماس» إن الوفد ناقش مع مسؤولين في القاهرة «آليات تنفيذ الاتفاق والخروقات التي تمت وضرورة التزام الاحتلال بكل ما تم التوافق عليه بدون تسويف أو تعطيل».
وأضافت في بيان أنه جرى بحث مساعي تحقيق الوحدة الوطنية مع السلطة الفلسطينية بما في ذلك اقتراح مصري بتشكيل لجنة لإدارة غزة بعد الحرب.(وكالات)
