تبوأت الرواية الشهيرة «المعلم ومارغريتا» لمؤلفها ميخائيل بولغاكوف المركز الأول بين الكتب الأكثر قراءة في روسيا من حيث العدد الإجمالي للنسخ الإلكترونية والصوتية المبيعة في روسيا عام 2024، حيث بيع منها 31000 نسخة.
كتب بولغاكوف «المعلم ومارغريتا» أكثر من مرة، أولاها في عام 1930، ثم حرق المخطوطة ليأسه
من إمكانية نشرها في الحقبة الستالينية، ليكتب مخطوطة ثانية لها في العام التالي، 1931، معتمداً على ما حفظته ذاكرته من المخطوطة الأولى، ثم كتب مخطوطة ثالثة، وتلتها الرابعة التي كرّس لها آخر أيامه حتى عام 1940، وبقيت الرواية مخطوطة، لتطبع أخيراً في عام 1967، بعد وفاة مؤلفها بسبعة وعشرين عاماً. ومن أشهر العبارات الواردة في الرواية على لسان أحد أبطالها: «المخطوطات لا تحترق أبداً»، ربما لتعبيرها عن ظروف كتابة بولغاكوف لروايته، وتعدد مخطوطاتها.
ليست الملابسات التي أحاطت بكتابة الرواية، ومنعها من النشر في حينه، وحدهما ما يفسر الإقبال على قراءتها بعد مرور عقود طويلة على كتابتها أولاً، ونشرها ثانياً، وإنما لأن موضوعها وطريقة تناول الكاتب له، وهو يتخيل زيارة الشيطان لمدينة موسكو، هما الجاذب الأشد تشويقاً لها. وكل هذا، على دلالته، ليس هو ما يستوقف المتابع في الخبر. من الطبيعي أن تكون هناك رواية تستحوذ على اهتمام القراء أكثر من سواها، رغم تقادم الزمن. ما يستوقف أكثر ما جاء في سياق التقرير الذي أورد المعلومة، حين أفاد: «تصدرت كل من موسكو وبطرسبورغ وإقليم كراسنودار ومقاطعة نوفوسيبيرسك تصنيف المناطق الروسية الخمسة الأكثر قراءة للرواية».
مفهوم جداً أن تكون هناك أمم تقرأ أكثر من غيرها من الأمم. في هذا تدخل عوامل كثيرة، بينها نسبة التعليم ومستواه، ودرجة التطور الحضاري والتقاليد الثقافية للأمم، فكلما علا شأن الأمة علا اهتمامها بما هو على صلة بالثقافة، والقراءة هي أهم وسائل بلوغ المعرفة.
في ثقافتنا العربية شاع، لفترة من الزمن، القول بأن القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ، لكننا اليوم في زمن زادت فيه نسب التأليف في البلدان العربية المختلفة، حتى لو لم تضاه مصر، كما انتشرت دور النشر والمطابع في عواصم عربية أخرى غير بيروت، وارتفعت نسبة وعدد القراء في مختلف البلدان العربية من المحيط إلى الخليج.
إشارة الخبر إلى تفاوت مستوى القراءة وعدد القراء بين منطقة وأخرى في البلد نفسه، كما هي حال «المعلم ومارغريتا» التي تفوقت على سواها، تحمل على السؤال: هل يمكن أن نطبق هذا على واقع حال القراءة اليوم في كل بلد من بلداننا على حدة، ونسأل عما إذا كان مثل التفاوت في القراءة قائماً بين منطقة وأخرى فيها.
[email protected]
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







