قصيدة فوتوغرافية تشكيلية من «إكسبوجر»

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

سعدت بتلقي «ألبوم» أنيق من أعمال «إكسبوجر» ضمّ 40 صورة مطبوعة على بطاقات بريدية أعادتني إلى زمن بريد التواصل بالكتابة والطوابع وصناديق الرسائل، ولكل صندوق بريد رقم، ولكل صندوق مفتاح صغير مثل الأيقونة تحفظ السرّ، وتبهج القلب. وقد خطر لي أن أعود إلى زمن البريد، وأرسل عدداً من البطاقات إلى من يحب الشارقة أو لم يزرها، فقد رأيت الشارقة هذه المرة بعين الكاميرا الفوتوغرافية. ولكل عين رؤية وزاوية نظر، ثم لا تصدّق أن الكاميرا هي التي تصوّر، بل المصوّر هو العين.والقلب يأمر العين، ويهيئ لها الصورة.
رأيت بحيرة خالد بعين المصوّر وقلبه حين يتحوّل الفوتوغراف إلى تشكيل من أفق أزرق هو لون الماء الذي انعكست عليه صور المعمار الشارقي الحديث المحيط بالبحيرة وفضائها الشعري.
رأيت جبال خورفكان بعين وقلب علي التميمي في لقطة فوتوغرافية هي لقطة شعرية يظهر فيها فضاء الجبال وانسيابية الطرق بين الحجر تحت سماء صافية.
رأيت صوراً عديدة للمساجد، وفي رحاب بيوت الله يسعى ويتحرّك ويتشكل فيض من البشر المؤمنين، والقلوب الآمنة المطمئنة.
رأيت بيت الحكمة بتكوين تشكيلي هادئ يتطلب منك أن تنتظر كثيراً وأنت ترى الصورة، لكي تصل إلى المعنى أو الجواب الذي يطرحه سؤال القلب..
قصيدة فوتوغرافية، تشكيلية، بريدية في أربعين صورة هي نصّ بصري هادئ، تقرأه بينك وبين نفسك، وبعد ذلك، وإذا أردت، حوّل الصور إلى لغة.
محمد المرّي يلتقط الصورة واللغة من الأفق الطبيعي الأرضي في كلباء. هنا مقدمة الصورة زرع برّي كثيف، وفي آخر الصورة تظهر امتدادات الجبال على شكل ضباب أو سحاب.
هند محمد خالد تكثف القوّة والجمال في وجه حصان. الصورة كلّها وجه حصان لا يتكلم ولا يصهل، لكنه قويّ العين وقوي النظرة الخارقة في هذا الكائن الذي ارتبط بالإنسان وأعطاه معنى الفارس.
صحراء مليحة، البيوت الأثرية العائلية العتيقة في قلب الشارقة، المساجد، ميناء خورفكان، سباق الإبل أو حكمة الإبل، انتشار ضوء الشروق على وجه الرمل، رياضة الخيل، وجه الصحراء، سيادة الجبال.. كل هذه الأمكنة التي تحمل أيضاً صفة الأزمنة سردها أو وثّقها بالكاميرا ولغة الصورة الأبجدية والتشكيلية فنانون إماراتيون وعرب وأجانب من العالم الذي يصدّق الصورة، أحياناً، أكثر مما يصدق الكتابة.
صور هؤلاء الفنانين تحوّلت إلى بريد قليل الكلام. ثلاثة أو أربعة سطور قصيدة فقط، أو أنها رسالة مكتوبة بالعين والقلب، وأجمل الرسائل أقصرها وأسرعها.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"