ألمانيا على مفترق طرق

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
2

بعد يوم 23 فبراير/ شباط الجاري سوف تكون هناك ألمانيا جديدة غير تلك التي نعرفها. سوف تغير الانتخابات المحلية وجهها ودورها وموقعها في القارة الأوروبية مع تصاعد المد اليميني المتمثل ب حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يسجل تقدماً ملحوظاً في استطلاعات الرأي، ويضع ألمانيا لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية في حالة عدم يقين إذا ما حقق نتائج تضعه في موقع صنع القرار.
المستشار أولاف شولتس حذر من تدخل واشنطن لمصلحة اليمين، «لأننا لن نقبل تدخل الغرباء في ديمقراطيتنا وفي انتخاباتنا، وفي التشكيل الديمقراطي للرأي لمصلحة هذا الحزب». وذلك رداً على إعلان إيلون ماسك تأييده حزب «البديل من أجل ألمانيا»، ودعوة نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس في خطاب له يوم الجمعة الماضي في مؤتمر الأمن في ميونيخ، ألمانيا والدول الأوروبية إلى عدم فرض قيود على حرية التعبير، وعدم استبعاد الأحزاب التي تعبّر عن مخاوف قوية بشأن الهجرة.
تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب «البديل من أجل ألمانيا» يحقق أفضل نتيجة على الإطلاق، إذ يحتل الآن المركز الثاني عند نحو 21 في المئة، فيما يحتل حزب شولتس (الاشتراكي الديمقراطي) المركز الثالث، وكتلة الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي المركز الأول بنسبة 30 في المئة، وحزب الخضر 13 في المئة، وحزب اليسار 6 في المئة، أما الحزب الليبرالي فوصل إلى نسبة 4 في المئة، أي دون الحد الأدنى المطلوب للدخول إلى البرلمان.
يعد صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» بالنسبة لبعض الألمان كابوساً حقيقياً، فيما يرى البعض الآخر أنه فرصة للتغيير، خصوصاً في القسم الشرقي من ألمانيا، وبالنسبة للشباب، إذ لأول مرة يقتحم حزب يميني متطرف الساحة السياسية بهذا الشكل منذ الحقبة النازية، ما يعني حدوث زلزال سياسي حقيقي تحاول الأحزاب الديمقراطية تفاديه.
إن الاعتداءات وعمليات الطعن التي يقوم بها بعض المهاجرين تغذي الدعم الذي يسعى إليه حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يخوض معركته التي تقوم على كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا والمؤسسات الأوروبية وضد الحرب. لكن ذلك لا يعني أن في قدرة هذا الحزب تحقيق نتائج انتخابية تمكنه من تولي السلطة، لأن الأحزاب الأخرى ستتحالف لتشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.
لقد رسم حزب «البديل من أجل ألمانيا» خارطة طريق سياسية لا علاقة لها بتاريخ ألمانيا ولا بتوجهاتها ولا بدورها الأوروبي، من خلال الدعوة إلى إغلاق الحدود بالكامل ورد كل المهاجرين غير النظاميين وغير الحاصلين على الوثائق اللازمة، فضلاً عن الانسحاب من نظام اللجوء المعتمد في الاتحاد الأوروبي وتنفيذ عمليات طرد واسعة على غرار ما فعلت إدارة الرئيس الأمريكي، وإعلان نهاية التحول في مجال الطاقة وتدمير الطواحين، وإعادة العمل بأنبوب الغاز «نورد ستريم». وتنص خارطة الطريق أيضاً على خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي والتخلي عن اليورو.
يقدم حزب «البديل من أجل ألمانيا» صورة مختلفة عن ألمانيا في حال وصل إلى السلطة، لهذا تسعى كل الأحزاب الألمانية إلى وقف زحفه والحؤول دون تحقيق الانتصار الذي يسعى إليه.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"