رائد برقاوي
المشهد مهيب بمدينة جميرا في دبي التي تجمع الإرث والحداثة معاً.. آلاف المشاركين موجودون في مكان واحد داخل مركز المؤتمرات وخارجه، كل شيء يسير بانتظام من دون تأخير، الحافلات تنقل الحضور من أماكن تجمع سياراتهم إلى مقر القمة العالمية للحكومات، تلك القمة التي أصبحت علامة مسجلة باسم دولة الإمارات صاحبة إحدى أكثر الحكومات كفاءةً في العالم.
الجلسات تمضي بانتظام وفق جداولها المحددة على مدار أربعة أيام.. فرق العمل والمتطوعون بالمئات ينتشرون في كل ركن ينظمون ويساعدون.. القاعات تعجّ بالحضور من الإمارات ودول العالم، الصالات الخارجية لا تقلّ أهمية عن الداخلية فهي مكان للتواصل، حيث الجميع يتبادلون الأحاديث، لتكون القمة نقطة تواصل اجتماعي وعلمي واقتصادي ومعرفي، ونقطة تعارف بين جميع المشاركين من مختلف التخصصات ومختلف الجنسيات.
على مدار أكثر من عقد ومنذ الانطلاقة، كنت موجوداً لحضور القمة، فهي حدث سنوي ينتظره الإعلاميون، لكن هذا العام حَظِيت بشرف لقاء مجموعة واسعة من سفراء الإمارات في الخارج، حيث يحضرون في القمة كجزء أساسي من برنامج زيارتهم للإمارات لحضور ملتقى السفراء الذي تنظمه وزارة الخارجية في أبوظبي سنوياً، بتوجيه وحضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أحد أنشط الدبلوماسيين في العالم، وأكثرهم كفاءة و«طيراناً»، ناقلاً قضايانا إلى العالم، بانياً جسور التعاون والشراكات للإمارات مع محيطها القريب والبعيد.
سفراؤنا في الخارج لهم كل الشكر على جهودهم وتفاعلهم لبناء علاقات في الاتجاهين، وفعلهم لم يعدْ يقتصر على الدبلوماسية والأعمال القنصلية، فهذا الأمر من المسلمات، بل لديهم أهداف أخرى لا تقلّ أهمية، يتصدرها المشهد الاقتصادي بما في ذلك بناء الشراكات وجذب الاستثمارات، وتعزيز حضور الشركات الإماراتية في الخارج.
صحيح أن سفراء الإمارات منفتحون على التجارب والمتغيرات العالمية، لكن أهمية وجودهم في القمة تأخذ بُعداً آخر، فهي إلى جانب كونها تتيح لهم التواصل المباشر مع القيادات الحكومية وفرق العمل الاتحادية والمحلية، فإنها تتيح لهم أيضاً المجال للاطلاع والتفاعل مع تجارب دول بعيدة عنهم في قطاعات متخصصة تعنى بشتى مجالات الحياة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا بتجمّع كبير يحضره مسؤولون كبار في تلك الحكومات أو تلك الشركات العالمية أو المحلية.
يُحسب لسمو الشيخ عبدالله بن زايد الذي نجح في السنوات الماضية في تحقيق مكانة متقدمة جداً للجواز الإماراتي، ودوره في تفعيل القوة الناعمة، ودبلوماسية الإمارات عربياً وعالمياً، أنْ حوّل سفراء الإمارات إلى وزراء اقتصاد واستثمار وطاقة وعلوم وتقنية، كلٌّ بحسب البلد الذي يخدم فيه، إذ حدّد للسفراء مهمات، ووضع أمامهم أهدافاً عليهم تحقيقها، يُحاسبون عليها، وتقيّم إنتاجيتهم وكفاءتهم على أساسها، ليبقوا فاعلين في المشهد الاقتصادي، وبناء العلاقات المميزة لتحقيق الشراكات الاستراتيجية التي تهدف إليها الإمارات.
قمة الحكومات بعناوينها وتفاصيلها كافة أظهرت مجدداً، أن الإمارات كلها فريق واحد، وهو الفريق الأكبر في العالم، فريق يعمل معاً بتناغم قلّ نظيره، وبمرونة وكفاءة عاليتين، لتبقى الإمارات في المقدمة دائماً.