عادي
يرسخ قيم التعايش والتسامح

جامع الشيخ زايد الكبير مركز عالمي للحضارة الإسلامية

00:10 صباحا
قراءة 5 دقائق

أبوظبي: عبد الرحمن سعيد

تطلع القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بشغف لإنشاء جامع يمثل وسطية الدّين الإسلامي، وتحقق حلمه بإنشاء «جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي»، أحد أكبر جوامع العالم، وأبرز معالم إمارة أبوظبي، حيث بدأ التخطيط لبناء الجامع أواخر الثمانينيات لكن مرحلة البناء الفعلية، بدأت في الخامس من نوفمبر عام 1996م، وانتهت عام 2007م، ليفتح الجامع أبوابه لأول مرة أمام جموع المصلين الذين توافدوا إليه لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك حينها. ودشّن الجامع بهدف إبراز مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وتعزيز ذكراه وبيان مناقبه وإسهاماته الإنسانية، والتوأمة بينه وبين الجوامع والمؤسسات الحضارية الكبرى والعالم الإسلامي، والتعريف به كونه وجهة لإبراز الثقافة السمحة ومركزاً عالمياً للحضارة الإسلامية وترسيخ قيم التعايش والتسامح بين الشعوب ووجهة ثقافية وسياحية فريدة.
شُيِّد جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي على أرض ترتفع نحو 10 أمتار، عن مدينة أبوظبي وعلى مشارفها، بمساحة إجمالية، تبلغ أكثر من 555 ألف متر مربع، لتبلغ قدرته الاستيعابية نحو 55000 مصلٍّ، ويضم تصميمه بصمات عالمية لفنانين وحرفيين من مختلف أنحاء العالم، ودخلت في إنشائه مواد طبيعية بمعايير عالمية عالية الجودة، كالرخام والحجر والذهب والأحجار شبه الكريمة، والكريستال، والسيراميك، تم استيرادها من دول مختلفة، منها: إيطاليا، ألمانيا، المغرب، الهند، تركيا، الصين، المملكة المتحدة، نيوزيلاندا، اليونان وغيرها، وأسهم في تشييده 3000 عامل، و38 شركة مقاولات عالمية، لتلتقي بذلك على أرضه ثقافات العالم.
يضم جامع الشيخ زايد الكبير 82 قبة بأحجام مختلفة، تتوسط إحداها قاعة الصلاة الرئيسية ويبلغ قطرها 32.6 متر، وارتفاعها 84 متراً، وهي من كبرى القباب في العالم، وتنفرد قباب الجامع عن غيرها بتنوع طرز العمارة الإسلامية، وتناغمها في تصميم بديع يغلب عليه الطراز المغربي والمغولي، أما القباب الزجاجية البالغ عددها 14 قبة، والموزعة فوق مناطق الوضوء الخاصة بالنّساء والرجال، فتعدّ عنصراً مهمّاً من عناصر تصميم الحدائق الإسلامية في الجوامع.
ويعبّر الرّخام الأبيض النّقي الذي تكتسي به جدران الجامع، والذي يعد أحد ملامحه المميزة، عن رؤية القائد المؤسس، الذي اختار اللون الأبيض، وأراد أن يرمز به لمفاهيم السّلام والتّسامح التي تُعد رسالة الجامع الأبرز.
المآذن
تتسامى مآذن جامع الشيخ زايد الكبير، إلى ارتفاع يصل لنحو 107 أمتارٍ في زوايا صحن الجامع الأربع، لتفصح عن جانبيْ التنوّع والشمول في الطراز المعماري للجامع، إذ يجمع كل منها أنماطاً معماريةً متنوّعة من عصور إسلامية مختلفة، في تصميم بديع يضفي عليه الهلال الذهبي في قمتها مزيداً من الأصالة والجمال.
الصحن
تبلغ المساحة الإجمالية لصحن جامع الشيخ زايد 17 ألفاً و400 متر مربع، ويتسع لنحو 31 ألف مصلٍّ، واستخدم في تصميم الصحن أكثر من 30 نوعاً من أنواع الرخام.
ويُزيّن أروقةَ الجامع الخارجية، 1096 عموداً سداسيَّ الجوانب، صُنعت من الرّخام الأبيض المطعّم بالأحجار شبه الكريمة، التي جُلبت من مختلف أنحاء العالم.
الأحواض العاكسة
تُحيط بالجامع 10 أحواض مائية عاكسة، مستطيلة الشكل، بمساحة كلية تبلغ 7000 متر مربع، زُيّنت بآلاف قطع الفسيفساء بتدرجات الأزرق، ذي التأثير المبهر، لتبعث الأحواض الحياة على المكان نهارا، وينم انعكاس الوجوه بتعدد ملامحها وألوانها على صفحات تلك الأحواض، عن التقاء الثقافات والتسامح والتعايش الذي يعززه الجامع لدى الجميع.
الإضاءة القمرية
يستمد نظام الإضاءة قيمته الجمالية والثقافية التي انفرد بها عن غيره، من برمجته بنظام تشغيل مرتبط ب(الساعة القمرية)، التي تعمل على تغيير سطوع التأثير الضوئي المنعكس على الجدران الخارجية للجامع كل يومين على مدار الشهر الهجري، ليحاكي سطوع القمر في مراحله.
السجاد
تضم قاعة الصلاة الرئيسية في جامع الشيخ زايد الكبير، أكبر سجادة في العالم، سجلتها موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2017م، والتي يُعد تصميمها الفريد إحياءً للفنون الإسلامية الأصيلة بثرائها وتنوعها، وهو تصميم (ميدالي) نسجته يدويًا ببراعة تامة أنامل 1200 من أمهر حرفيي العالم، واستغرق تصميم السجادة وحياكتها عامين، وهي فترة قياسية بالنظر لحجمها ومستوى إتقان صنعها، حيث بلغت مساحة السجادة في المرحلة النهائية 5400 مترٍ مربعٍ، وبلغ وزنها نحو 35 طنًا، يشكل الصوف النيوزيلندي منه 70%، من إجمالي وزنها بينما يشكل القطن 30%.
ويضم جامع الشيخ زايد الكبير7 ثريات تتناغم بتصميمها الفريد مع فنون عمارته الإسلامية، وتلفت أنظار مرتاديه من مختلف أنحاء العالم.
المنبر
يقع المنبر عادةً على الجانب الأيمن من المحراب، ويتألف من سلّم ينتهي بمنصة، ويتميز منبر جامع الشيخ زايد الكبير بتصميمه الفريد، بخشب الأرز المنقوش بدقة ومهارة عالية، وتزيينه بتصاميم من الزهور، وتطعيمه بالصدف والزجاج المعشّق والذهب الأبيض، وتعلوه قبة، ويتخذ القسم العلوي منه شكل الهلال، ويرتفع منبر الجامع على 11 درجة بحيث يتيح ظهور الخطيب لجميع المصلين بأعدادهم الغفيرة، تحيط بقاعة الصلاة الرئيسية في الجامع، من جهاتها الشرقية والشمالية والجنوبية، ثلاثة أبهاء، يمثل كل منها، إضافة نوعية إلى الجمالية الفريدة التي يتمتع بها الجامع.
قاعة الصلاة الرئيسية
قاعة الصلاة الرئيسية هي كبرى قاعات الصلاة في الجامع، حيث تبلغ مساحتها 5700 متر مربع، وتتسعُ لما يقارب 8000 ثمانية آلاف مُصلٍّ، لتحتضن رحابها أهم المناسبات الدينية التي تحتشد فيها جموع المصلين كصلاتي عيد الفطر والأضحى، وشعائر صلاة التراويح والتهجد خلال ليالي شهر رمضان المبارك، وصلوات الجمعة المباركة، ويضم الجامع قاعتي صلاة إضافيتين إحداهما للرجال والأخرى للنساء يتسع كل منهما ل 1500 مصلٍّ ومصلّيةٍ، تستخدمان للصلوات اليومية.
الأعمدة الداخلية
تحتضن قاعة الصلاة الرئيسية 96 عمودًا تقف في مجموعات رباعية تتجلى عن مدى الدقة والانسجام مع تفاصيل قاعة الصلاة الرئيسة، فإلى جانب كونها دعامة لخرسانة القباب، تضفي الأعمدة على القاعة جمالية خاصة، حيث اكتسى كلٌّ منها بالرخام المستورد من مقدونيا الشمالية، وطُعِّمت بالأصداف.
حائط القبلة
يقع حائط القبلة في الجامع جهة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وصُمم حائط القبلة في قاعة الصلاة الرئيسية بتصاميم لزهور خماسية الأطراف يحمل كل منها اسماً من أسماء الله الحسنى ال99، كتبت بالخط الكوفي في رسمها على هذه الجدران المضاءة بالألياف الضوئية.
الساعة
توجد في القاعات الداخلية للجامع 11 ساعة صُنعت من الفولاذ المقاوم للصدأ، وطعمت باللؤلؤ، وصُممت بجمالية تنسجم مع تصاميم الزهور في الجامع، بشكل وردة ذات ستة أطراف، في الجزء الأوسط منها تُظهر العقارب الوقت بالساعة والدقيقة، أما اللوح الرقمي في الأعلى فيُظهر التاريخ الميلادي، بينما يُظهر اللوح في الجزء السفلي، التاريخ الهجري.
الأبواب الزجاجية
حظيت تفاصيل عمارة الجامع بعناية بالغة، شملت الأبواب الزجاجية المزخرفة، البالغ عددها 34، والمكونة من ثلاثة ألواح منفصلة، من زجاج المورانو الإيطالي، صُممت كقطع فنية أنيقة من لوحين خارجيين غير مزخرفين يتوسطهما اللوح المزخرف بتصاميم نباتية تتناغم بجماليتها مع تصاميم الجامع ككل.
وعزز المركز من مكانته على خريطة السياحة الثقافية العالمية، حيث شكل زوار الجامع من خارج الدولة نسبة 81% من ضيوف الجامع، بينما شكل المقيمون على أرض الدولة نسبة 19%.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"