شهر الرحمة

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

ونحن في بدايات شهر الله الكريم، نتفق جميعاً على أن هذا الشهر ما وُجد إلا لتهذيب النفس، وزيادة التقرب إلى الله، إضافة إلى ما تعلمناه منذ نعومة أظفارنا حين كنا نسأل عن مغزى فرض الصيام، فيقال لنا إنه ركن يريد لنا الله من خلاله معرفة شعور الفقراء ممن لا يجدون قوت يومهم من خلال حرمان أنفسنا من الطعام طوال النهار.
هذا الهدف ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وزيادتها صار مفقوداً، خصوصاً مع التنافس الذي يؤديه أبطال التسويق على هذه المواقع حين يسوقون لسلع سميت باسم هذا الشهر وصارت وكأنها أمر لا بد منه، ك «نقصة رمضان» و«زينة رمضان» و«جلابيات رمضان» و«أواني مائدة رمضان» و«أطباق رمضان» وغيرها من السلع التي لا تعد ولا تحصى يتفنن منتجوها ومسوقوها في جعلها أمراً مُسلماً به.
لسنا ضد «نقصة رمضان» بل هي عادة جميلة لو ظلت كما كانت من غير مبالغة ولا إسفاف، ولو أنها اقتصرت على إهداء من نحب ما يحتاج اليه ويلزمه لهذا الشهر قبل أن يهل هلاله، فتقل عليه مصاريفه، ولو أنها بقيت كما كانت حين كانت جميع الأبواب مفتوحة للزوار قبل أذان المغرب ممن يحملون في أيديهم ما لذ وطاب ليضيف للسفرة الكثير، ولو أنها لم تحمل طابع المبالغة الذي يحمل معه الحرج الكثير ممن لا يملك رد «النقصة» بمثلها أو بأحسن منها.
ولسنا ضد تزيين المنازل لاستقبال هذا الضيف الكريم الذي ننتظره عاماً كاملاً ويحل فتحل معه كل خيرات الدنيا والآخرة، لكن أن يتحول الموضوع لهوس، فلا نجد من أثاث المنزل غير المصابيح والفوانيس والكماليات التي لابد أن يتم تغييرها كل عام من باب التغيير فقط فهذا هو ما لا يطاق.
نعم قال عز وجل «وأما بنعمة ربك فحدث»، لكن من غير إثقال كاهل رب الأسرة بشراء ما لا يلزم، ومن غير التنافس لإظهار كل هذه المظاهر وكأنها أساسيات لا يصح الشهر بدونها، ومن غير تجاهل حاجة الفقير والمسكين ممن لا يجد ما يثري مائدته واقتصر على طبق واحد إن وجده، خصوصاً من الأقربين والجيران.
هو شهر الله فلنجعله شهر تراحم ومودة وكل عام وأنتم بخير ومبارك عليكم الشهر.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"