ليست بلاداً عادية، هي موطن لأحبة يسكنون القلب مهما تباعدت الظروف والمسافات، هي بلاد نزار قباني الذي تغنى بياسمينها وأراضيها، بلاد الياسمين النقي الفواح، بلاد تأسر زائرها منذ أول نسمة هواء يستنشقها على أرضها فلا يكاد يغيب عنها حتى يعود إليها سريعاً.
سوريا القلب، البلد الذي كان صديقاً لرحلات الصيف في الطفولة في كل عام، الذي تتحول بيوته لأماكن ضيافة يقطنها السواح من كل حدب وصوب، وكأن السوري يقول لضيفه: أنت هنا في مأمن فأنت تسكن بيتي وبيت جاري وصديقي.
سوريا دمشق وحمص واللاذقية ودرعا وحماة وإدلب والحسكة و......، سوريا العرب والأكراد، سوريا المسلمين والمسيحيين واليهود، سوريا السنة والشيعة والعلويين، سوريا المحبة والشعر والدراما الرزينة التي ينتظرها محبوها كل عام.
مايحدث الآن على الأراضي السورية من اقتتال أمر يدمي القلب ويجعل كل محبيها يمسكون قلوبهم وأنظارهم كلها تتجه إليها، بينما لا تشير بوصلة قلوبهم إلا إليها ولا ترتفع الأكف بالدعاء إلا واسمها بين الكلمات الأولى.
لطالما عاش محبوها فكرة ازدهار سوريا وتوقف الحرب وخروج جميع القوات الأجنبية منها وعودتها لشعبها بإرادة كاملة وبحرية رأي ومعتقد وأمن وأمان خصوصاً بعد أعوام من التحريض والمشاحنات بين أفرادها وبعضهم بعضاً، وبين أفرادها وحكومتها، ولطالما حلم جميع المهجرين قسراً أو طواعية بالعودة إليها ليسهموا في ازدهارها، لكن أن تصل اليوم إلى ما وصلت إليه فهو الأمر الذي لم يتوقعه أحد ولم ينتظره العدو قبل الصديق. فسوريا بوصلة العروبة وبوصلة المحبة وبوصلة التعايش الذي أحببناه حين نمر بحي اليهود بدمشق ومعلولة المذهلة والمسجد الأموي ومقام السيدة زينب، ولهذا نجد أن ما يحدث بداخلها اليوم لا يشبهها أبداً، ولا يشبه الذاكرة التي خلدتها بوجداننا.
ولكم يصعب على المحب رؤية بعض مثقفيها وهم يتشاحنون ويضرمون نيران التحريض والطائفية ويشوهون الحقائق ويفتعلون المشكلات، برغم الثقة السابقة بهم وبحكمتهم وتوقع الجميع أن يكون للمثقف دور أساسي في لملمة أواصر المحبة والتعايش ليكون قائد رأي بالاتجاه الصحيح.
نتمنى من كل القلب أن تعود سوريا كما كانت بكل اختلافاتها وبكل ألوانها وأطيافها وأن يعم الأمن والسلم الأهلي هذي البلاد وتعود كما كانت وأجمل، وهو ما يجب أن يدعو له المثقف والفنان قبل السياسي.
مقالات أخرى للكاتب



