اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء الخميس الماضي، في الكرملين وراء أبواب مغلقة مع ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمناقشة خطة وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في أوكرانيا، التي كانت الولايات المتحدة اقترحتها بعد الاجتماع الأمريكي - الأوكراني في جدة الأسبوع الماضي.
موسكو كانت أبدت تحفظاً على الخطة، لكن الرئيس بوتين عاد وأوضح موقف بلاده منها قبيل اجتماعه مع ويتكوف، مؤكداً موافقته عليها، مشترطاً أن يؤدي ذلك إلى «سلام دائم» وليس إلى مجرد هدنة في الأعمال القتالية، بمعنى أنه لم يغلق الباب تماماً، إنما أبقاه موارباً بانتظار ما ستسفر عنه المحادثات مع ويتكوف.
موسكو تريد هدنة تؤدي إلى مفاوضات حقيقية، ثم إلى اتفاق ينتهي بتوقيع اتفاقية سلام تضع حداً نهائياً للحرب.
يقول بوتين: «نحن موافقون على المقترحات الهادفة إلى وضع حد للأعمال القتالية، لكننا ننطلق من مبدأ أن هذه الهدنة يجب أن تعالج جذور الأزمة»، لذا لدى موسكو سلسلة من الأسئلة التي تناقشها مع الجانب الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار، منها من سيراقب جبهة قتال طولها 2000 كيلومتر؟ ومن يضمن ألا تستغل أوكرانيا الهدنة لتعزيز قواتها وإعادة تسليحها؟ ومن يقرر الجهة التي تخرق وقف إطلاق النار؟ وهل ستواصل أوروبا خلال فترة الهدنة تزويد أوكرانيا بالسلاح؟ ومتى وكيف وأين تبدأ المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا ومن يشارك فيها؟
الولايات المتحدة تقول إن أوكرانيا وافقت على وقف إطلاق النار والبدء بالمفاوضات، لكن لم يتم تحديد الوقت وآليات وقف النار والمفاوضات.
من جهته يتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرئيس الروسي بأنه لا يريد وقف إطلاق النار، وهو لا يقول «لا» بشكل مباشر، «ويخشى أن يقول للرئيس ترامب إنه يريد مواصلة هذه الحرب»، إلا أن الأسئلة الروسية لا تعني رفض الهدنة، إنما هي لتحديد إطار واضح لها من أجل ضمان نجاحها، ثم الانطلاق نحو مفاوضات، وفق جدول زمني ينتهي باتفاق سلام.
لكن المراقبين للعلاقات الروسية - الأمريكية، وطبيعة الاتصالات بين الجانبين يؤكدون أن بمقدور الكرملين والبيت الأبيض تجاوز العقبات والخلافات وهي طبيعية طالما أن الرئيسين الروسي والأمريكي على توافق بشأن إنهاء الحرب الأوكرانية، وخطوط التواصل باتت مفتوحة بينهما، لدرجة أن المعلومات تفيد بأن البيت الأبيض استجاب لطلب موسكو باستبعاد المبعوث الأمريكي إلى أوكرانيا كيث كيلوج من المحادثات باعتباره «منحازاً» لكييف، لذا غاب عن محادثات جدة وعن التواصل مع موسكو خلال محادثات الرياض بين واشنطن وموسكو في 18 فبراير/شباط الماضي، ولا في اجتماع الخميس الماضي مع بوتين.
الرئيس ترامب قال من جهته، إنه يرغب في لقاء الزعيم الروسي، وإنه «يأمل أن تفعل روسيا الشيء الصحيح وتوافق على الهدنة». وفي وقت سابق خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع الأمين العام لحلف الأطلسي مارك روته، قال ترامب للصحفيين، إنه ناقش تفاصيل محددة حول أوكرانيا والاتفاق النهائي بالفعل، وعندما سئل عن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي قال ترامب: «الجميع يعرف ما هو الجواب على ذلك»، ويعني عدم الموافقة، وهو موقف سبق أن كرره أكثر من مرة.
على كل، موقف موسكو النهائي من الهدنة يتضح في ختام المشاورات الحالية مع واشنطن.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







