لا يمكن استقبال الدفعة الثانية من مسلسلات رمضان دون التوقف عند «ولاد الشمس» الذي غادرنا مع مجموعة مسلسلات ال 15 حلقة، لتنطلق مجموعة أخرى من الأعمال في النصف الثاني من الشهر الكريم، فهذا العمل ليس تقليدياً ولا حكايته مكررة، يحمل روح مسلسل «حالة خاصة» الذي اعتبرناه حين عُرض حالة درامية خاصة، وتألق فيه طه دسوقي بشكل لافت، ولا شك في أن لمؤلف المسلسلين دوراً في ذلك.
مهاب طارق كتب عملين في هذا الموسم «ولاد الشمس» و«إخواتي»، الأول أعلى درجة من الثاني كونه يتطرق لقضية شديدة الإنسانية والحساسية، ف «ولاد الشمس» هم أبناء دار للأيتام اسمها الشمس، ومعالجة القصة كانت ستبدو جميلة وقوية فقط لولا المفاجأة الكبرى التي ختم بها المؤلف مهاب طارق والمخرج شادي عبدالسلام الحلقة الأخيرة، والتي جاء جزؤها الأول مستكملاً لأحداث المسلسل، بينما الجزء الثاني توثيقي أبطاله من أبناء الدار الحقيقيين، يتحدثون عن نشأتهم ونظرة المجتمع لهم واحتكاكهم الأول بالحياة الاجتماعية خارج الدار، والمفاجأة أيضاً أن هؤلاء الأبطال يحملون شهادات عليا وماجستير ولديهم وظائف محترمة ومنهم المتزوج أو المتزوجة، وشهادتهم تؤكد مصداقية الكاتب والمخرج في صناعة دراما واقعية، والأهم أنها تفتح باباً لطرح قضايا الأيتام ودور رعايتهم ومن يتولى شؤون تربيتهم وكيف يواجهون الحياة الاجتماعية بعد بلوغهم سن ال 18 عاماً؟.
يقول أبطال «ولاد الشمس» الحقيقيون لا الممثلون، إنه «العمل الدرامي الأول الذي استطاع أن يعبر عن مشاعرهم وإحساسهم وكل المواقف التي تعرضوا لها خلال وجودهم في الدار، كما أن كل مشهد كان حقيقياً وليس تمثيلاً»، وهو نجاح يحسب للمؤلف والمخرج، ناهيك طبعاً عن براعة المخرج شادي عبدالسلام في اختيار الممثلين كل في مكانه المناسب.
أحمد مالك، طه دسوقي، القدير محمود حميدة، معتز هشام.. انسجام في الأداء وتناغم يجعل الجمهور متمسكاً بمشاهدة المسلسل ومرتبطاً بكل أبطاله متعاطفاً معهم حتى البكاء لحظة رحيل قطايف ثم مفتاح، وفي مشهد لقاء ولعة بوالدته وعجزه عن التعبير لها عن مشاعره من شدة ارتباكه وتأثره.. مالك ودسوقي ثنائي فاق درجات النجاح، تناغم ينم عن وعي بأهمية إنجاح العمل لا الذات، نجاح للفريق بكامله دون الرغبة في إظهار الأنا فوق الجميع، وهو ما لا يحرص عليه كل الممثلين، ويظهر جلياً حين تكبر المنافسة في شهر رمضان.
محمود حميدة يزداد إبداعاً، يكبر وتكبر موهبته ويزداد تفنناً في أداء كل شخصية يجسدها، فلا يمكنك أن تتخيل مثلاً «بابا ماجد» الذي يدير دار الشمس غير هذه الشخصية بالمواصفات التي أداها حميدة، المتلاعب بنظرته بين الحنان والخبث والمكر والرغبة في الانتقام، رعشة يده، جبروته وهدوئه..
«ولاد الشمس» أحزننا بقدر ما أبهرنا، ورسالته الأقوى أنه أضاء شمعة في نهاية النفق المظلم.
[email protected]
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







