عادي
طاقات إيجابية

الشكر.. مفتاح الزيادة من الخيرات

00:48 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاش النبي، صلى الله عليه وسلم، حياته شاكراً لله تعالى، حامداً له، راضياً عنه، مبلغاً دينه، صابراً على الأذى فيه، قانعاً من الدنيا بالقليل، رغبة في الله تعالى والدار الآخرة، ولا عرفت سيرة بشر كسيرته، ولا حفظت أخبار نبي كما حفظت أخباره. وحث الإسلام على الطاقة الإيجابية عن طريق غرس هذه المفاهيم في نفس المسلم، والتي من شأنها أن تعلي من قدره عند الله سبحانه وتعالى.
يذكر عدنان الطرشة في كتاب «ماذا يحب النبي»، عن عائشة، رضي الله عنها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:«أفلا أكون عبداً شكوراً»، فالإكثار من العبادة والتنفل وصلاة التطوع من الأمور المحمودة، وهو أمر مطلوب لمن يريد شكر الله على نعمه والتقرب إليه، ورجاء نيل رحمة الله في الآخرة، وبلوغ الدرجات العليا في الجنة.
وقال الله تعالى: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه» «أخرجه البخاري». ولكن على ألا يفضي ذلك إلى الملل أو إلى ترك الأفضل، وإلا فإن «أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل»، فعمل قليل دائم خير من كثير منقطع، فما أعظمها من رحمة وطاقة إيجابية يمنحها الله لمن يشكره.
ويعد شكر الله على نعمه صفة من صفات عباد الله المؤمنين الذين قال عنهم سبحانه: «قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ» «سورة الملك: الآية 23»، لأن رتبة الشكر عالية ورفيعة جداً كان الشاكرون قليلين، فالشكر دليل معرفة عظيم النعمة أو النعم التي وهبها الله، وسمى الله نفسه بالشكور أي كثير الشكر، ويتساءل البعض كيف تؤدي شكر اليوم والليلة؟ علمنا الرسول، صلى الله عليه وسلم، دعاء من يقوله صباحاً فقد أدى شكر نهاره، ومن قاله مساء فقد أدى شكر ليلته، فقد رُوي عن عبدالله بن غنام، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ» أخرجه النسائي.
والشكر هو مفتاح الزيادة من الخيرات إذا تحلّى المسلم بخلق الشكر والحمد لربه، فإنه يضمن بذلك المزيد من نعم الله في الدنيا، ويفوز برضوانه وجناته، ويأمن عذابه في الآخرة، وهو وعد رباني جاء بصريح اللفظ في الكتاب العزيز: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ «إبراهيم: 7»، ومعنى الشكر ظهور أثر نعم الله، سبحانه وتعالى، على عبده في قلبه من خلال الإيمان به، وفي لسانه من خلال حمده والثناء عليه، وفي جوارحه من خلال عبادته وطاعته، فما أكرمه من شكر يعود به على النبي وأمته بطاقات إيجابية ربانية في الدنيا والآخرة.
يضيف محمد الحصاد في كتاب «علموُا أولادكم أخلاق الرسول» أن شكر الله على نعمه له طرق كثيرة، منها الإكثار من قول الحمد لله في اليوم والليلة، فالحمد لله مع سبحان الله كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، فالشكر على نعمة الصحة في البدن والسمع والبصر والعقل وجميع الأعضاء، وأعظم من ذلك وأكبر الشكر على نعمة الدين والثبات عليها والعناية بها والتفقه فيها، قال تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا» «المائدة:3»، فأعظم النعم نعمة الدين.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"