د. سالم بن ارحمه
الامارات منذ نشأتها وهي متمثلة لتعاليم الإسلام السمحة فتوحدت إماراتها امتثالاً لقول ﷲ جل جلاله: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وتطبيقاً لقوله: «وتعاونوا على البر والتقوى»، ولا تزال تتمثل توجيهات الدين الحنيف في جميع نواحي الحياة.
وقام الاتحاد على السلام والسماحة للعالمين وهذا ما دعا الناس من جميع أصقاع الأرض للعيش والاستقرار في هذه الدولة الفتية، لما وجدوا فيها من حماية الحقوق والأمن والأمان والاستقرار، فأصبحت الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية، وكفلت قوانينها للجميع الاحترام والتقدير، وعدم التمييز، وأنشأت وزارة للتسامح لتعزيز هذه الثقافة على مر الأجيال. وهذا انعكاس لما يتحلى به شعب الإمارات وقيادته من قيم الإسلام الحنيف، والعادات العربية الأصيلة، ولما في التسامح من ضمان التقدُّمِ والاستقرار والازدهار، فكان أساسُ بنائه التسامح لما له من قيمة عظيمة، تؤلف بين الناس، وتقرب بين الشعوب، فتتعاون وتتعارف، وذلك مطلب شرعي، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا».
التسامح والمعاملة بالحسنى واللين مبدأ إنساني وواجب شرعي يحترم كرامة الإنسان، فهو حق للناس جميعاً على اختلاف أعراقهم وأنسابهم وألوانهم وأديانهم، قال تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس بنو آدم، وآدم من تراب». ولقد عامل الإسلام غير المسلمين بتسامح ولين، وقرر مبدأ «لا إكراه في الدين»، ووضع أسساً من البر والإحسان في التعامل معهم، وقدم صوراً راقية تبين كيف يكون التعاون الإنساني القائم على التسامح واحترام حقوق الآخرين، وأثر ذلك في البناء الحضاري، حيث حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على توطيد العلاقات بين المسلمين وبين غيرهم من سكان المدينة على أساس من التسامح، فكانت وثيقة المدينة خير دليل على ذلك. وقد أمرنا ﷲ أن نتعامل بالعدل والإنصاف في ما بيننا ومع غيرنا، فقال عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون». ومنح الإسلام أصحاب الدّيانات الذين يعيشون في أرض المسلمين حقوقهم كاملة، وأولها حقُّ اختيار الدِين وحماية اختياره.
التسامح من القيم العظيمة التي يدعو إليها الدين الإسلامي بين أبناء هذا الدين بعضهم بعضا، ومع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى. ويعتمد التسامح على الكثير من القيم، ومنها قبول الآخر مع الصفح، والعفو، والتعايش السلمي في إطار واحد بين البشر جميعاً، فالإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها، تلك الرسالة التي تأمر بالعدل، وتنهى عن الظلم، وترسي دعائم السلام فى الأرض.
بالتسامح يعيش الجميع في سلام، وأمان، وهناء، كما هو الحال في دولة الإمارات، وطن التسامح والسلام.