عادي

استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد

15:35 مساء
قراءة 5 دقائق
استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد
استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد

القدس - رويترز
حذرت إسرائيل من أن أحدث هجماتها على غزة «ليس إلا البداية»، وقصفت قواتها القطاع بضربات جوية قاتلة، وبدأت عمليات برية جديدة في القطاع المدمر جراء 15 شهراً من الحرب.
وقال بعض المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين، وبعض المحللين، إن العودة إلى حرب برية شاملة ضد «حماس» قد تكون أكثر تعقيداً في ظل تراجع الدعم الشعبي، واستنزاف جنود الاحتياط والتحديات السياسية. والخدمة العسكرية إلزامية في إسرائيل التي يقل عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، لكنها تعتمد بشدة على جنود الاحتياط في أوقات الأزمات.
وتدفق جنود الاحتياط إلى وحداتهم، بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعضهم جاء من دون انتظار استدعائهم. لكن ستة جنود احتياط وجماعة مدافعة عن قوات الاحتياط قالوا، إنه بعد عمليات انتشار استمرت أشهر عدة، يعزف بعض الجنود عن العودة إلى غزة.
وقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استئناف القصف، الثلاثاء، أذكى غضب المحتجين الذين يتهمون الحكومة بمواصلة الحرب لأسباب سياسية، والمغامرة بحياة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة بعد أن صمد وقف إطلاق النار إلى حد كبير لمدة شهرين. وقال نتنياهو، إن مثل هذه الاتهامات «مخزية»، وإن استئناف الحملة العسكرية يستهدف استعادة الرهائن المتبقين، وعددهم 59.
وشارك عشرات الآلاف في احتجاج ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب والقدس منذ، الثلاثاء. واستخدمت الشرطة، مدافع المياه واعتقلت عدداً كبيراً، بعد مناوشات اندلعت خلال احتجاجات في تل أبيب، وقرب مقر إقامة نتنياهو في القدس، حيث احتشد متظاهرون تحت المطر، احتجاجاً على إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
وقال الجنرال المتقاعد يعقوب عميدرور الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنتنياهو بين عامي 2011 و2013: «في دولة ديمقراطية، الشرعية الداخلية للحرب مهمة جداً جداً». وأضاف، أن السؤال يتعلق «بمدى استعداد صناع القرار التخلي عن الشرعية، لأنهم يعتقدون أن التحرك مهم. وإلى أي مدى ستتأثر قدرتهم على العمل في غياب الشرعية».
وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاك الهدنة. وتشير استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة إلى أن معظم الإسرائيليين يرغبون في مواصلة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء الحرب، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.
وصرح مسؤولون مطلعون على عملية صنع القرار الإسرائيلي، أن استئناف القتال سيكون تدريجياً، ما يفتح الباب أمام مفاوضات لتمديد الهدنة. ولم يسهبوا في التفاصيل. وقال مسؤولان إسرائيليان آخران، إن نتنياهو وافق على خطة لعملية واسعة النطاق تتضمن خيار إرسال قوات برية.
وقال اللفتنانت كولونيل نداف شوشاني، وهو متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الجيش لديه خطط جاهزة لاحتمالات مختلفة تتضمن العمليات البرية إذا لزم الأمر. وأضاف شوشاني: «هدف هذه الحملة على حماس، هو تفكيك قدراتها لمنعها من تنفيذ هجمات إرهابية، والضغط من أجل إعادة الرهائن، سواء عبر عمليات عسكرية، أو عبر اتفاق سياسي ما». وتابع: «كل الخيارات مطروحة للنقاش».
ويعترف قادة عسكريون، أن الإرهاق يمثل مشكلة وسط جنود الاحتياط. لكن شوشاني قال إن الجيش الإسرائيلي لديه خطة لتخفيف العبء عنهم.
* الإرهاق
حرب غزة، الفصل الأكثر تدميراَ في عقود من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هي الأطول منذ حرب عام 1948، التي صاحبت قيام إسرائيل. قُتل أكثر من 400 جندي، وجرح آلاف في معارك غزة. وأدت الحملة الإسرائيلية إلى تحويل مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض، ما أدى مراراً إلى نزوح مئات الآلاف من السكان الذين يعيشون على المعونات.
وقُتل أكثر من 49 ألف شخص في القطاع طبقاً لسلطات الصحة الفلسطينية التي لا تفرق في إحصاءاتها بين المدنيين أو المقاتلين.
ويقول مسؤولون إسرائيليون، إن ضربة قاصمة وجهت لـ «حماس»، وقُتل قادته وآلاف من المقاتلين. لكن الحركة لا تزال راسخة بقوة، وتحتجز 59 رهينة من أصل 251 رهينة جرى اقتيادهم إلى غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. خلال الذي الهجوم عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي.
وقتل ما لا يقل عن 40 من الرهائن في غزة، إما على يد محتجزيهم، أو قتلتهم القوات الإسرائيلية بالخطأ. وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن حوالي 24 شخصاً لا يزالون على قيد الحياة.
وفي الأشهر الثلاثة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني، أوقعت هجمات «حماس» أحد أكبر عدد من القتلى والمصابين في صفوف الجنود الإسرائيليين، وأثار هذا، إضافة إلى مقتل بعض الرهائن، بعض التساؤلات داخل إسرائيل عن تكاليف ومكاسب الحرب.
وعارض شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم من اليمين المتطرف وقف إطلاق النار، وضغطوا للعودة الشاملة إلى الحرب. ومنحه استئناف الهجمات الإسرائيلية هذا الأسبوع دفعة سياسية، عندما عاد وزير الأمن إيتمار بن جفير إلى الائتلاف. ولم يبقَ لنتنياهو سوى أغلبية برلمانية ضئيلة، بعد استقالته في يناير/كانون الثاني، بسبب خلافات حول وقف إطلاق النار.
وقال عاموس أسائيل، المحلل السياسي في معهد شالوم هارتمان، إن نتنياهو بدا منعزلاً عن الرأي العام بشكل متزايد، ما أدى إلى تصدع الإجماع الكبير الذي دعم الحرب. ويتشكل حالياً ائتلاف من عائلات الرهائن والمحتجين المعارضين لسياسة نتنياهو.
واتهمت «حماس» إسرائيل هذا الأسبوع بتقويض الجهود للتوصل لنهاية القتال، ودعت الوسطاء إلى «تحمل مسؤولياتهم». ودانت دول غربية، منها فرنسا وألمانيا، العنف إلى جانب مصر وقطر اللتين تؤديان دور الوساطة.
* تهديدات
قال نتنياهو، إنه أمر بشن ضربات لأن «حماس» رفضت مقترح أمريكي لتمديد وقف إطلاق النارـ مقابل إطلاق سراح الرهائن. وقال مكتبه في بيان، الثلاثاء، إن إسرائيل تعمل حالياً ضد الحركة «بقوة عسكرية متزايدة». وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن «أبواب الجحيم ستُفتح»، إذا لم تفرج «حماس» عن الرهائن.
وعلى الرغم من التهديدات، لم تكن هناك علامة على تعبئة واسعة النطاق مثلما حدث في 2023، عندما استدعى الجيش ما يصل إلى 300 ألف من جنود الاحتياط لتعزيز قواته التي يقدر قوامها بنحو 170 ألف جندي. ولا يكشف الجيش الإسرائيلي عن الأرقام المتعلقة بعدد أفراده.
وأرسل الجيش الإسرائيلي لواء مشاة من النخبة إلى حدود غزة، الأربعاء، وأعلن، الخميس، شن عمليات برية على طريق ساحلي في شمال غزة، وفي رفح بجنوب القطاع.
ويتوقع أيضاً أن يشمل أي هجوم بري كبير قوات احتياط، على الرغم من أنه قد لا يتطلب عدداً كبيراً كما كانت الحال في بداية الحرب.
وقال عميدرور: «استئصال مقاتلي حماس الذين ما زالوا هناك سيتطلب مزيداً من القوة البشرية، مزيداً من الجنود على الأرض».
وقال جنود الاحتياط، إنه مع استمرار الحرب، كافح كثيرون لتحقيق التوازن بين العمل والأُسرة والدراسة والانتشار العسكري. رأى الجميع أن عدد رفاقهم الذين يطلبون الإعفاء من فترات الخدمة يزداد بمرور الوقت.
وقال أحد جنود الاحتياط في القوات الخاصة، الذي أمضى نحو ثمانية أشهر من 15 شهراً من الحرب يخدم في غزة ولبنان وشمال إسرائيل: «حتى الآن كان إحساسي هو أنه ما دام بقي هناك رهائن، فأنا موجود، لكنني الآن لا أعرف. هناك كثير من عدم الثقة في قيادة البلاد، وليس من الواضح ما إذا كان الضغط العسكري سيساعد الرهائن».
كما يساوره القلق من الآثار النفسية التي لحقت بزوجته وأطفاله الستة، الذين قال إن أحدهم بدأ في إعداد كلمات التأبين له.
وذكر موقع «واي نت» الإسرائيلي وصحيفة «هاآرتس»، هذا الشهر أن عدد جنود الاحتياط الذين يستجيبون للاستدعاء انخفض إلى 60% في بعض الوحدات.
وقال هانوخ دوب، وهو كولونيل متقاعد، إن هذا الانخفاض لن يمنع الجيش من شن هجوم بري كبير، إذا لزم الأمر، ومن المرجح أن تكون المشاركة مرتفعة في البداية.
لكن دوب، الذي يقود حالياً جمعية لجنود الاحتياط، قال إنه إذا تحولت الحملة العسكرية إلى حرب عصابات من دون أهداف استراتيجية واضحة، فإن ذلك سيؤدي في النهاية إلى الإرهاق.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"