د.عبدالعزيز المسلّم: الحكاية ذاكرة الأمم ومستودع حكمتها
في مشهدٍ ثقافيٍ زاخرٍ بألق التراث وسحر الحكايات، نظّمت المدرسة الدولية للحكاية، التابعة لمعهد الشارقة للتراث، فعالية «اليوم العالمي للحكاية»، احتفاءً بفن السرد القصصي، باعتباره إرثاً ثقافياً متجدداً يجمع الشعوب ويعزز التواصل بين الأجيال، حيث جاءت هذه الفعالية التي احتضنتها ساحة السور في قلب الشارقة لتؤكد أهمية الحكاية كأداة تراثية تحفظ الذاكرة الشعبية، وترسّخ الهوية الثقافية.
شهدت الفعالية حضور د. عبدالعزيز المسلم، رئيس المعهد، ومروة العقروبي، رئيس المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وأميرة بوكدرة، الكاتبة والشريك المؤسس في منشورات غاف، ورئيس مجلس إدارة جمعية الناشرين الإماراتيين، إضافة إلى حضور واسع من محبي التراث، حيث انطلقت الأمسية بظهور شخصية «راوي الحكايات»، الذي استعرض أمام الجمهور أهمية الحكاية في التراث الشفهي، ودور معهد الشارقة للتراث في توثيق هذا الفن ونقله إلى الأجيال القادمة.
واستمتع الحضور بمشهد مسرحي قصير قدّمه الأطفال المبدعون في برنامج «درر الحكايات وجواهرها»، حيث أبدعوا في تجسيد أهمية الحكاية في تعزيز القيم الاجتماعية وبناء الجسور بين الماضي والحاضر، في عرض تفاعلي حمل في طياته رسائل تراثية نابضة بالحياة.

وأكّد المسلم أن الحكاية ليست مجرد ترفٍ ثقافي أو سردٍ عابر، بل هي ذاكرة الأمم ومستودع حكمتها، وحلقة وصل تمتد عبر الأزمان، تُوثّق التجارب وتنقل القيم والمعارف بين الأجيال.
وقال: حرصنا في معهد الشارقة للتراث على تنظيم هذه الفعالية لنؤكد أن فن الحكاية ليس موروثًا جامداً، بل كيان حيّ نابض يستمر في التأثير والتطور، وسيظل عنصراً أساسياً في المشهد الثقافي، مهما تعاقبت الأزمنة وتغيّرت الأساليب، كما أن احتفاءنا باليوم العالمي للحكاية يعكس التزامنا الراسخ بحفظ التراث الشفهي، وإعادة تقديمه بأساليب مبتكرة، تواكب التطور وتحافظ في الوقت ذاته على أصالته، ليبقى مصدر إلهامٍ ومعرفةٍ للأجيال القادمة.
أهمية الحكاية كأداة تعليمية وثقافية تعزز التواصل الإنساني.
من جانبها، أكّدت إسراء الملا، مدير المدرسة الدولية للحكاية، التابعة لمعهد الشارقة للتراث أهمية الحكاية كأداة تعليمية وثقافية تعزز التواصل الإنساني، مُشيرةً إلى أن فن السرد القصصي ليس مجرد نشاطٍ ترفيهي، بل هو وسيلة تربوية وتعليمية ذات تأثير عميق، تتيح للأفراد فهم العالم من خلال منظورٍ إبداعي يجمع بين الخيال والمعرفة. وقالت:«في المدرسة الدولية للحكاية، نؤمن بأن الحكايات هي إحدى أقوى أدوات نقل التراث والحكمة والقيم الإنسانية، فهي تمتلك القدرة على تحفيز الخيال، وتعزيز مهارات التفكير النقدي، وتوفير بيئة تفاعلية تُشجّع الحوار والتفاهم بين الثقافات. ويمثّل احتفاء معهد الشارقة للتراث باليوم العالمي للحكاية خطوةً رائدة في ترسيخ هذا الفن، وإعادته إلى الواجهة، بوصفه عنصراً أساسياً في المشهد الثقافي والتعليمي المعاصر».
رواةٌ يتألقون
توالت الفقرات بسردٍ مشوقٍ من الحكواتي محمد المنصوري، الذي قدّم للجمهور حكايات تراثية زاوجت بين الحكمة والمتعة، مستعيداً سحر المجالس القديمة، حيث كانت الحكاية نافذةً تطل منها الأجيال على معارف الأجداد.
وفي خطوةٍ نوعيةٍ، أعلن معهد الشارقة للتراث عن إطلاق منصة «رابطة الحكايات»، والتي جاءت كمبادرةٍ لتعزيز فن الحكي، وتوثيق السرد القصصي، وتوفير بيئة تجمع بين الرواة والباحثين والمهتمين بهذا الإرث الثقافي.
جلسات نقاشية
اشتمل البرنامج على جلستين حواريتين حملتا في طياتهما رؤى متعمقة حول فن الحكاية وتأثيرها في حفظ الهوية الثقافية، حيث تناولت الجلسة الأولى، دور السرد القصصي في حفظ التراث وتوثيق التجارب الإنسانية عبر الأزمان. أما الجلسة الثانية، فقد شهدت مشاركة الأطفال واليافعين في تجربة تفاعلية مميزة مع «راوي الحكايات»، حيث أتيحت لهم الفرصة لسرد قصصهم الخاصة بأساليبهم الإبداعية، ما أضفى على الفعالية طابعاً حيوياً ومميزاً.
واختُتم الحدث بمجموعةٍ من الورش التعليمية والبرامج الفنية المصاحبة، التي أتاحت للجمهور فرصة التعرّف إلى تقنيات السرد القصصي، وتطوير مهارات الحكي.
