علي عبدالله الأحمد*
أعربت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة قبل أيام عن دعمها الخطة العربية لإعادة إعمار غزة. فهل يمكن أن نشهد بداية تحالف عربي أوروبي قريباً؟
بات من الواضح أن الأوروبيين لديهم نفور من الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يستمر هذا النفور لأربع سنوات أخرى.
وبينما تحاول الحكومات على جانبي المحيط الأطلسي حل خلافاتها، فإن الشركات الأوروبية سوف تبحث عن أسواق جديدة للتعويض عن بعض خسائرها المتوقعة في السوق الأمريكية، أكبر سوق استهلاكية في العالم.
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، تتمتع اقتصادات الخليج بالقدرة على جذب الاستثمارات الأوروبية، ولكن أسواقها مشبعة وتفتقر إلى الكثافة السكانية المطلوبة.
وربما يتاح البديل في الأسواق الكبيرة ذات الكثافة السكانية في آسيا وإفريقيا، حيث يعيش حوالي 4 مليارات شخص على بعد 4 ساعات طيران من الخليج العربي.
على سبيل المثال، نجحت شركة طيران الإمارات في بناء شبكة تؤمن رحلات طيران مباشرة هي الأكبر على مستوى العالم، وتضم 150 وجهة في 85 دولة. وغالبية هذه مدن تقع في آسيا وإفريقيا.
وتتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بسجل جيد في جذب الشركات الأوروبية الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، تقود دبي مدن العالم في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
لقد حان الوقت المناسب للتركيز على الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة الحجم. ولكن لماذا تعد هذه الشريحة من الشركات في أوروبا مهمة للغالية؟
بداية، تعمل حوالي 23 مليون شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في الاتحاد الأوروبي.
وتشكل هذه الشركات العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي، وتلعب دورًا حاسمًا في النمو الاقتصادي وتوفير الوظائف وتطوير الابتكار.
وهذه بعض العناصر الرئيسية حول أهميتها وحجمها:
أولاً- التوظيف
- توظف الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم حوالي 100 مليون شخص، وهو ما يمثل حوالي ثلثي إجمالي الوظائف في القطاع الخاص في الاتحاد الأوروبي.
ثانياً- المساهمة الاقتصادية
تساهم هذه الشركات بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، ما يجعلها ضرورية للاستقرار الاقتصادي والنمو.
ثالثاً-الابتكار
تدفع العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة التقدم التكنولوجي والتحول الرقمي، خاصة في الصناعات الناشئة مثل الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي.
رابعاً- التنمية الإقليمية
تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية عبر المناطق الحضرية والريفية، ودعم المجتمعات المحلية.
خامساً-المرونة والقدرة على الصمود
تتكيف بسرعة مع تغييرات السوق، وهو ما كان واضحًا خلال جائحة كوفيد-19 عندما تحول الكثيرون إلى الحلول الرقمية.
ومما يميز الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الاتحاد الأوروبي أن العديد منها لا تزال شركات مملوكة لعائلات. على سبيل المثال، تأسست شركة «فيبر كاسل» عام 1761 في ألمانيا، وملكيتها حالياً في أيدي الجيل التاسع من العائلة. وهي متخصصة في منتجات الكتابة والرسم والتصميم الإبداعي عالية الجودة، وأدوات الزخرفة.
تبلغ القدرة الإنتاجية العالمية لشركة «فيبر كاسل» أكثر من 2000 مليون قلم رصاص خشبي سنويًا (أكبر شركة مصنعة للأقلام في العالم). ويبلغ عدد موظفيها في جميع أنحاء العالم 6500 منهم 1000 في ألمانيا. ويشمل حضورها العالمي مراكز إنتاج في 10 دول، وتتوفر منتجاتها في أكثر من 120 دولة. وقد أعلنت الشركة أن حجم مبيعاتها عام 2023 بلغ 640 مليون يورو.
وقد نرى قريبًا نقل التكنولوجيا الأوروبية إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وهناك أيضًا إمكانية لشراكات ثلاثية، تشمل دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا إضافة إلى الدول الآسيوية والإفريقية التي تسعى لتحقيق التطور والتنمية.
*الوكيل المساعد للسياسات في وزارة الدفاع