مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني

00:38 صباحا
قراءة 4 دقائق

خالد راشد الزيودي*

في خطوة تعكس رؤية الإمارات الثاقبة في تعزيز مكانتها الدولية، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إطلاق «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني»، وهي مؤسسة تُضاف إلى سجل الإمارات الحافل بالإنجازات الإنسانية والخيرية على مستوى العالم. المؤسسة، التي تشكل امتداداً لإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تسعى إلى تعزيز الاستجابة الإنسانية وتوفير الدعم المستدام للمجتمعات الأكثر احتياجاً في مختلف بقاع الأرض، بما يساهم في تعزيز استقرار الشعوب وتحقيق التنمية المستدامة.
تأتي هذه المبادرة في وقت تتعاظم فيه الحاجة إلى التضامن الدولي لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد صحة الإنسان، مثل الأمراض المزمنة والأوبئة والمشاكل الصحية المستعصية، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها كثير من البلدان النامية. ومن خلال هذه المؤسسة، تتعزز قدرة الإمارات على مد يد العون والمساعدة للدول التي تعاني أزمات صحية وإنسانية متجددة. في هذا السياق، لا تقتصر المهمة الإنسانية لهذه المؤسسة على تقديم المساعدات الطارئة فقط، بل تتوجه إلى إنشاء حلول مستدامة تعزز من قدرة هذه المجتمعات على مواجهة التحديات المستقبلية.
العلاقات الدولية لدولة الإمارات تُمثل حجر الزاوية في نجاح هذه المبادرة الإنسانية، فالإمارات تتمتع بعلاقات استراتيجية قوية مع معظم دول العالم، ما يمكنها من تقديم المساعدة الفعالة وبأسرع وقت ممكن. وعلى الرغم من الأزمات الإنسانية التي نشهدها اليوم، سواء كانت نتيجة للكوارث الطبيعية أو الحروب أو الأمراض، فإن الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تؤكد مجدداً التزامها العميق بالمساهمة في استقرار الأمن الإنساني في جميع أنحاء العالم. وهذا يُظهر أن الدولة ليست فقط قوة اقتصادية بل قوة إنسانية تسعى إلى إحداث تأثير إيجابي ومستدام.
إن الدور الكبير الذي تلعبه الإمارات على الساحة الدولية في مجال العمل الإنساني لا يقتصر على تفعيل العلاقات الثنائية مع الدول فحسب، بل يمتد إلى تنسيق الجهود على المستوى الإقليمي والدولي، هذا التنسيق لا يقتصر على تقديم المعونات فحسب، بل يشمل المشاركة في صياغة حلول استراتيجية تهدف إلى معالجة أزمات طويلة الأمد، مثل تحسين الرعاية الصحية في الدول التي تعاني نقصاً في البنية التحتية الصحية أو مواجهة مشاكل مثل المجاعات التي تنتشر في بعض القرى النائية وغيرها الكثير.
من خلال هذه المؤسسة، يمكن للإمارات أن تلعب دوراً حيوياً في تعزيز التعاون الدولي عبر مبادرات مشتركة مع دول أخرى ومنظمات عالمية. فهي تهدف إلى تحقيق تأثير طويل الأمد يتجاوز تقديم المساعدات الطارئة إلى تقديم حلول تضمن استدامة التنمية البشرية والاقتصادية. سيكون لهذا الدور الكبير في مجال الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي آثار إيجابية في حياة ملايين البشر.
على سبيل المثال، ستركز المؤسسة في المرحلة المقبلة على مواجهة تحديات صحية خطرة مثل الأمراض المدارية المهملة، ومنها الملاريا وشلل الأطفال، وهي قضايا تهدد حياة الملايين في دول فقيرة حول العالم. ولطالما كانت الإمارات من أوائل الدول التي تولي مثل هذه الأمراض اهتماماً خاصاً، حيث تبذل جهوداً كبيرة لمحاربة هذه الأمراض وتقديم العلاجات المناسبة للمجتمعات المتضررة، وهو استمرار لمبادرات سابقة مثل «بلوغ الميل الأخير» التي أظهرت التزام الإمارات المستمر بحل مشكلات صحية عالمية.
من جهة أخرى، تساهم الإمارات عبر هذه المؤسسة في تعزيز مبدأ «العمل المشترك» على الساحة الدولية، وذلك من خلال شراكاتها مع الدول الأخرى ومنظمات الأمم المتحدة ومؤسسات البحث العلمي الدولية. إن التعاون بين دولة الإمارات ودول العالم الأخرى في هذه المبادرة الإنسانية سيؤدي إلى تحسين الأداء الإنساني الدولي ويعزز من قدرة المجتمعات على تحقيق تنمية مستدامة.
تأتي «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني» بمثابة امتداد طبيعي للسياسة الإماراتية التي تضع الإنسان في صلب أولوياتها، فدولة الإمارات لم تقتصر على تقديم الدعم للدول التي تحتاج إلى المساعدات الإنسانية، بل أسهمت في نشر ثقافة التضامن والتعاون عبر مشاريع تركز على تعزيز قدرات المجتمعات بشكل دائم. حيث أصبحت الإمارات اليوم في طليعة الدول التي تروج للسلام والتنمية حول العالم، وتثبت أن القوة الحقيقية للدول لا تكمن في قدراتها العسكرية أو الاقتصادية فحسب، بل في قدرتها على التأثير الإيجابي في حياة البشر.
إن إطلاق «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني» هو خطوة استراتيجية تعكس التزام دولة الإمارات العميق والمستمر بتقديم العون والمساعدة للمجتمعات الأكثر احتياجاً، هذه المبادرة الإنسانية لن تقتصر على تقديم الدعم الطارئ بل ستسهم في خلق حلول مستدامة تضمن تمكين الأفراد والمجتمعات من التغلب على التحديات التي تواجههم. إن الدور الحيوي الذي ستلعبه المؤسسة في مد يد العون ليس فقط عبر حدود الجغرافيا بل في تعزيز أواصر التعاون الدولي يعد دليلاً قاطعاً على أن الإمارات قد أصبحت مركزاً إنسانياً عالمياً يحتذى به.
*باحث في إدارة الأزمات والمخاطر.

[email protected]

عن الكاتب

متخصص في إدارة الأزمات والمخاطر

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"