هل شطح فكرك يوماً إلى أن نظرية المؤامرة أسوأ ما يغذّيها هو ضعف الحيلة وضيق ذات اليد في المواجهة؟ لكن صبراً إذا كان ذهنك قد وقع بلا حراك ولا عراك في شراك، فشرِقْت بالشرق الأوسط، ولم تُشرق لناظريْك بارقة أمل مزهر، أو عمل مثمر. رويدك فنظرية المؤامرة التي تلوح للقلم أشباحها وأشباهها تبدو نجوم السماء أقرب منها.
القصة لا تخلو من العجائب، فهي أقدم من أقدم أساطير الأولين، قبل ما روته شهرزاد لشهريار، في«ألف ليلة وليلة»، وأقدم من«سيف بن ذي يزن»، وكل ما رواه أبو القاسم الفردوسي في ملحمته «الشهنامه»، وقبل كل الأساطير اليونانية، التي دارت أوهام وقائعها أو أحداث خرافاتها، على جبل الأولمب، بل وأقدم من«جلجامش». باختصار المسألة تتجاوز آلاف السنين ومئات ألوفها، فامشِ الهوينى فقد وصلت إلى المليون عام فما فوق.
من حقك أن تسأل: وأيّ محلّ لنظرية المؤامرة من الإعراب، في كل هذا الأسلوب الحكواتي؟ قبل توضيح المسائل:«مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيه مواعيظٌ وتفصيلُ». أمس الأول (22 مارس)، نشر الموقع الفرنسي «علوم المستقبل»، موضوعاً مختصراً، إن كنت كقدمائنا تعشق الإيجاز، عنوانه:«البشر الحديثون لم يأتوا من سلالة واحدة وحيدة». أرأيت كيف استعجلتَ تهمة السذاجة، تقول ساخراً: الإنسان العاقل والذين عاشوا قبله بريئون من المؤامرات براءة الذئب من دم يوسف.
أمْهِلْنا نخبّرْك اليقين، يقول الموقع. «ثمّة دراسة جديدة مفادها أن السلالة البشرية أشدّ تعقيداً في أصولها ممّا كنا نعتقد، فمورثاتنا تشير إلى وجود مجموعتي أسلاف افترقتا في وقت مبكّر جدّاً، ثم اندمجتا مرّة أخرى لاحقاً». يضيف: «إحدى المجموعتين هي المتمثلة في النوع الذي أسفر عن البشر الحديثين، سبقتهم الفصائل التي اندثرت مثل النياندرتال ودنيزوفا.
المشكلات التي يواجهها علماء الإحاثة والإناسة والآثار، منذ بضعة عقود، هي: من أين وصلت طلائع الذين عاشوا قبيل الإنسان العاقل، إلى أوروبا؟ عند هذه النقطة، هل شعرت مثل القلم بأن فرائصك ترتعد كالفرائس؟ هل أحسست بأن ركبتيك ترتجفان وتصطكّ صابونتاهما؟ نظرية المؤامرة تبدو الآن منطقية معقولة، وليست مجرد أوهام وتخيّلات. لقد ثبت أن مورّثات الإنسان الأبيض تبرهن علميّاً على أنه إفريقي الأصل. والقارّة السمراء هي في نظر خبراء الاقتصاد في العالم، هي إهراءات البشرية مستقبلاً وخزائن ثرواتها.
لزوم ما يلزم: النتيجة الهالووينيّة: ألا تخشى أن يقول الغرب: نريد العودة إلى ديارنا الأولى؟
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







