إشارات إلى المواهب الواعدة

01:09 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في أن نُهدي إلى الأقلام الفتيّة الواعدة سطوراً صادقةً خالصةً، ولا حرج إذا لم تكن «كلمات ليست كالكلمات»؟ كان الله في عون المواهب المتأهبة طموحاً متوهجاً، إلى الكتابة بأفانينها الإبداعية، وفنون تحريرها الإعلامية. حقّاً، فهؤلاء يواجهون مرحلة من التاريخ حرجةً، وتحولات جارفة. الاستعداد في حدّ ذاته مشكوك في صلابة أدواته. فلنتحدث إليهم بمنتهى الصراحة.

أيّها الأعزاء: لا أحد يجرؤ، لا قدّر الله، على ادّعاء أن مناهج البلاد العربية خذلتكم، حتى أضحى من يقدر على كتابة عشرة أسطر بلا أخطاء يشعر بأنه يستحق أن يُعَدّ في العباقرة. لهذا عليكم التعويل على أنفسكم في تشييد صروح لمواهبكم. حذار تَوهُّم أن الموهبة لا تحتاج إلى البنيان المتين، فانهلوا من روائع الميراث الثقافي العربي والعالمي.

الحقبة حرجة، لأن تسارع التحولات لم يسبق له مثيل. لم يحدث في التاريخ أن تبدّدت الحدود بين الآداب والعلوم، بين الفنون والتقانة. من ظلّ يظنّ أن أدوات الكتابة اليوم تنحصر في النحو والصرف وقراءة القصاصات وتصفّح وسائط التواصل، فقد ألقى بموهبته ريشةً في مهبّ الريح. عليكم بالرؤية الفكرية الثاقبة حتى لا تقعوا في الالتباسات الثقافية. التعمق في أساليب الإبداع والفنون عبر القرون ليس فيه التزام، ليس على الموهبة أن تقتفي آثار القدامى. ليس عليك أن تكتب مثل أبي حيان التوحيدي أو الحريري أو مصطفى صادق الرافعي. لكن إياك والخلط في التقنيات الأسلوبية. جانب كبير منها تقنيات موسيقية، بالتالي لا علاقة لها بنوعية المفردات. مثلاً تقنية السجع ليس لها أيّ صلة بغريب اللفظ، الذي يُحوج القارئ في كل جملة إلى القواميس. لماذا يتوهم البعض أن استعارة الفنون الأسلوبية الكلاسيكية ترتبط لا محالة بالعقنقل والعملّس والصهصليق؟

لا تنجرفوا وراء من يحرفكم عن الجادّة الجادّة، يغريكم باستسهال القيم الإبداعية، قائلاً: ما حاجة الموهبة إلى سلامة اللغة؟ ارتكبوا ما طاب لكم من الأخطاء، والذكاء الاصطناعي يصحّح لكم أغلاطكم، وتنطلي الحيلة على القارئ. ومن الذي يحكم عليكم بالغرق في أساليب الماضين، بينما العصر عصر الحواسيب والشبكة والآلة الذكية؟ أنتم قوم التيك توك لا مجالس أبي تمام والجاحظ. تأمّلوا: هل يُنصح دارسو الموسيقى في معاهد الغرب بأن ينبذوا باخ، موتزارت، بيتهوفن، شوبان... بدعوى أننا في زمن الراب؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الذهبيّة: الوحدة الاندماجيّة بين الثقافة والعلوم، تضاعف جهود الطرفين.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"