عادي

عذب الكلام

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات


من بدائع الشعراء في التعبير عن ألم البعد عن الحبيبة، قول امرئ القَيس:
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا
لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
وُقوفاً بِها صَحْبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم
يَقولونَ لا تَهْلِك أَسىً وتَجَمَّلِ
وإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهْراقَةٌ
فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ
وقول قَيْس بن الملوّح:
البَيْنُ يُؤلِمُني، والشَّوْقُ يَجْرَحُني
والدّارُ نازِحةٌ، والشَّمْلُ مُنْشَعِبُ
كَيْفَ السَّبيلُ إِلى لَيْلى وقَدْ حُجِبَتْ
عَهْدي بِها زَمَناً ما دونَها حُجُبُ

دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر


مَلُومُكُما
أبو الطيّب المتنبّي
(بحر الوافر)
مَلُومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ
ووَقْعُ فَعالِهِ فَوْقَ الكَلامِ
ذَراني والفَلاةَ بِلا دَليلٍ
ووَجْهي والهَجِيرَ بِلا لِثامِ
فإنّي أسْتَرِيحُ بذي وهذا
وأتْعَبُ بالإناخَةِ والمُقامِ
ولمّا صارَ وُدُّ النّاسِ خِبّاً
جَزَيْتُ على ابْتِسامٍ بابْتِسامِ
وصِرْتُ أشُكُّ في مَنْ أصْطَفيهِ
لعِلْمي أنّهُ بَعْضُ الأنامِ
وآنَفُ مِنْ أخي لأبي وأُمّي
إذا ما لَمْ أجِدْهُ مِنَ الكِرامِ
ولَمْ أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً
كَنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
وزائِرَتي كَأنَّ بها حَياءً
فَلَيسَ تَزُورُ إلّا في الظَّلامِ
بَذَلْتُ لها الْمَطارِفَ والحَشايا
فَعافَتْها وباتَتْ في عِظامي
أبِنْتَ الدَّهْرِ عِنْدي كُلُّ بِنْتٍ
فكَيفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزُّحامِ
جَرَحْتِ مُجَرَّحاً لم يَبْقَ فيهِ
مَكانٌ للسّيُوفِ ولا السّهامِ
وفارقْتُ الْحَبيبَ بِلا وداعٍ
ووَدّعْتُ الْبِلادَ بِلا سَلامِ

من أسرار العربية


فروق لغوية: «قسط» (بفتح القاف وكسرها وضمّها) القَسْط: الجور عن العَدل والحقّ. والقِسْطُ: المِيزانُ، سمّي به من القِسْطِ العَدْلِ والقِسْطُ: الكُوزُ. والقُسط: عُودٌ هِنْدِيٌّ وعَرَبِيٌّ، مُدِرٌّ، نافِعٌ للكَبِدِ. السبت (بفتح السين وكسرها وضمّها) السَّبْت: الراحة وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً: اسْتَراحَ وسَكَنَ. ويقال: سُبِتَ المريضُ، فهو مَسْبُوت، والسَّبْتُ: من أَيام الأُسبوع. وجمعه «سُبُوتٌ» و«أَسْبُتٌ». والسِّبْتُ: كلُّ جلدٍ مدبوغ، وقيل: هو المَدْبُوغ بالقَرَظِ خاصَّةً، لانقطاع الأيّام. والسُّبْتَ: نَبات، أَنشد قُطْرُبٌ:
وأَرْضٍ يَحارُ بها المُدْلِجُونْ
تَرَى السُّبْتَ فيها كرُكنِ الكَثِيبْ
الفرق بين السَّخاءُ والجُودُ والكَرَمُ: السَّخاءُ: العطاءُ بعدَ السؤال (الطلب) بشيءٍ من اللينِ والسهولةِ. يُقال: سَخَوْتُ الأديمَ (التراب) إذا ليّنته. والجُود: كثرةُ العطاءِ منْ غيرِ طلبٍ أو سؤال، ومن دون معرفة المُعطى. ومنها أجادَ في الأمر، أي أحكمه بدقةٍ وإتقان. وتقول: جادتِ السَّماءُ، أي أنزلتْ مطراً غزيراً. والكرَمُ: العطاءُ عن طيبِ نفسٍ، وحُسْن تصرّف، قليلاً أو كثيراً، وبغرض رفع شأن المُعطى، ومنه «تكريم فلان» أي إعطاؤه ما يرفع شأنه. ويقال: رزقٌ كريمٌ، أي لا امتهان فيه، ولا منّة.

هفوة وتصويب


كثُرٌ يَستَخْدِمونَ هذه العبارَةَ «ظَهَرتِ المادةُ بِشَكْلٍ أوضحَ» أو «غُيِّرَتِ الخُطّةُ بشكلٍ كاملٍ». وهو استخدامٌ خطأٌ، لأنّ الشَّكْلَ: هَيْئةُ الشَّيْءِ وصورَتُهُ. ونقولُ «هذا على شَكْلِ هذا: أيْ على مِثالِه، وتشاكَلا: تشابها والصوابُ القولُ: «ظَهَرتِ المادةُ أكثرَ وضوحاً»، و«غُيِّرَتِ الخُطّةُ كاملةً».
ويقولون: «تُخَطّطُ المؤسسةُ منْ خِلالِ بَرنامَجِها لَعَشْرِ سنوات»، والخطأ في «مِنْ خِلالِ»، فالخُلَّةُ مُنْفَرَجُ ما بَيْنَ كلّ شَيئين. وخَلَلُ السَّحابِ وخِلالُه: مَخارجُ الماءِ مِنْهُ. وخِلالُ الدّارِ: ما حوالَيْ جُدُرِها وما بَيْنَ بُيوتِها. والصياغةُ الصحيحةُ: «تُخَطّطُ المؤسسةُ ببَرنامَجِها لَعَشْرِ سنوات»، أو «بوساطَةِ بَرنامَجها». أو «عبر برامجها».

من حكم العرب


ألا يَذمَّ الدَّهْرَ مَنْ كان عاجِزاً
ولا يَعْذِلِ الأقْدارَ مَنْ كان وانِيا
فَمَنْ لم تُبَلّغْهُ المعاليَ نَفسُهُ
فَغَيْرُ جَدير أنْ يَنال المَعالِيا
البيتان لأبي هلال العسكري، يقول فيهما إنّ ضعاف النفوس والمتكاسلين، يجلسون غاضبين، يشتمون الأيام ويلومون الأقدار، التي لم تكن معهم، لينالوا ما يريدون.. والنجاح الحقيقي، هو بسعي الإنسان نفسه لبلوغ المعالي، لأنّ من كان ضعيف النفس، فلا يستحق المراتب العليا والمكانات السامية.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"