عادي

50 عاماً على الحرب الأهلية في لبنان.. لا الحرب انتهت ولا السلم استقر

20:08 مساء
قراءة 4 دقائق

150 ألف قتيلاً و 300 ألف جريح، هو عدد ضحايا الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في 13 نيسان عام 1975 واستمرت 15 عاماً، والتي وصفت بأنها أكثر الصراعات تعقيداً في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وبعد 50 عاماً، وفي ظل الظرف الدقيق الذي يعيشه لبنان تتكشف الأحداث التي تعلن أن الحرب لم تنته تماماً، ولا السلم استقر، إذ لا يزال شبح الانفجار كامناً تحت ركام الأزمات المتتالية.

حادث غامض

شرارة الحرب الأهلية اندلعت في لبنان عندما قام مجهولون في حادث غامض، بإطلاق نار أودى بحياة عنصرين من حزب 'الكتائب' في عين الرمانة بضواحي بيروت.

وانقسمت بيروت إلى منطقتين عرفتا بـ 'المنطقة الشرقية' و'المنطقة الغربية'، وسُمي الخط الفاصل بين المنطقتين 'الخط الأخضر'.

النتائج

من أخطر النتائج التي ترتبت عن الحرب الأهلية التهجير والفرز الديني والمناطقي.

وقد قدر عدد ضحاياها بحوالي 150 ألف قتيل 300 ألف جريح، و 17 ألف مفقود.

كما تم تهجير أكثر من مليون نسمة في بلد كان عدد سكانه ثلاثة ملايين.

تصعيد عسكري

الآن تأتي ذكريات الحرب الأليمة إلى الواجهة على وقع تصعيد عسكري من جانب إسرائيل في لبنان، ليستدعي في الذاكرة الأخطار المحدقة بلبنان في المستقبل، إثر تدخلات إقليمية متزايدة.

حملت زيارة المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، في 4 إبريل واستمرت ثلاثة أيام، عدة عناوين في مقدمتها اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على لبنان للإيفاء بالتزاماته السياسية والأمنية والاقتصادية، جاءت الزيارة التي التقت خلالها الرئيس اللبناني جوزيف عون، وكذلك كبار المسؤولين اللبنانيين.

زيارة المبعوثة الامريكية هي الثانية بعد الزيارة السابقة في 6 فبراير/ شباط الماضي، وقد رافقها في لقائها وفد أمريكي ضم نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وسوريا نتاشا فرانشيسكا والسفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون.

يقف لبنان أمام مفترق طرق بعد هذه الزيارة، وفقاً لخبراء سياسيين، والذين أشاروا إلى أن المسؤولين الذين التقتهم أورتاغوس اعتبروا أن محادثاتهم معها كانت بنّاءة، ولكن مضمونها لم يكن كلياً مع ما تسرّب، خاصة في ما يتعلق بنزع السلاح كاملاً من حزب الله، فإما أن ينجح في الضغط على حزب الله لتسليم سلاحه ضمن مهلة محدودة وإما التعرّض لخطر تجدد الحرب الواسعة.

الحدود اللبنانية السورية

وأفاد بيان صادر عن رئاسة الحكومة بأن أورتاغوس عقدت أيضا اجتماعاً مع رئيس الوزراء نواف سلام، إذ بحثا تطورات الوضع في الجنوب وعلى الحدود اللبنانية السورية مع التأكيد على ضبطها بشكل كامل ومنع حصول أي توترات أو فوضى ومنع كل أشكال التهريب.

كما بحثت مع سلام تدابير الجيش لتطبيق القرار الأممي 1701 الذي أنهى في صيف 2006 حرباً مدمرة بين حزب الله وإسرائيل، وأعيد التشديد عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، و«اتفاق الترتيبات الأمنية لوقف الأعمال العدائية بالتعاون مع لجنة المراقبة العسكرية، إضافة الى استكمال الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية»، بحسب البيان الحكومي.

وينص القرار 1701 على بسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها بما فيها جنوب لبنان وحصر السلاح في يد الجيش اللبناني.

تنفيذ الاتفاق بشكل كامل

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، كان أمام إسرائيل حتى 26 كانون الثاني/يناير أن تسحب قواتها من جنوب لبنان، لكنها أكدت أنها ستبقيها لفترة إضافية معتبرة أن لبنان لم ينفذ الاتفاق «بشكل كامل».

واتهم لبنان إسرائيل بـ«المماطلة» في تنفيذ الاتفاق. وأعلنت الحكومة في 27 كانون الثاني/يناير أنها وافقت على تمديد تنفيذ الاتفاق حتى 18 شباط/فبراير بعد وساطة أمريكية.

لكن إسرائيل أبقت على تواجدها في «خمسة مرتفعات استراتيجية» على امتداد الحدود، قائلة إن ذلك هدفه التأكد «من عدم وجود تهديد فوري» لأراضيها. في المقابل، اعتبر لبنان ذلك بمثابة «احتلال» وطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإتمام انسحابها.

بقاء إسرائيل

وأعلنت أورتاغوس في وقت سابق أنه سيتم تشكيل ثلاث مجموعات عمل دبلوماسية بشأن القضايا العالقة بين لبنان وإسرائيل، إحداها مخصصة لتسوية النزاع الحدودي البري بين البلدين.

وتتولى مجموعة عمل ثانية مسألة إطلاق سراح بقية المعتقلين اللبنانيين لدى إسرائيل، وثالثة مسألة النقاط الخمس التي أبقت إسرائيل فيها قواتها في جنوب لبنان.

مكافحة الفساد

ناقشت أورتاغوس مع عون أيضاً الإصلاحات المالية والاقتصادية ومكافحة الفساد غداة تسلّم الحاكم الجديد لمصرف لبنان كريم سعيد منصبه الجمعة متعهّداً بمكافحة «غسل الأموال» و«تمويل الإرهاب».

وخلال اجتماعها مع سلام، بحثت الموفدة الأمريكية ملفات الإصلاح المالي والاقتصادي بينما تم التشديد على ضرورة الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب بيان رئاسة الحكومة، في وقت يعاني لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ العام 2019.

يشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة في قطاعات عدة بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على دعم مالي.

والتقت أورتاغوس أيضاً رئيس البرلمان نبيه بري، وبحثت معه «التطورات الميدانية المتصلة بالخروقات والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والتي تتسبب بسقوط ضحايا يومياً»، بحسب ما أفاد مكتب بري في بيان.

واجتمعت لاحقاً مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل ووزير الخارجية يوسف رجي، بحسب بيانات رسمية.

طوفان الحروب الأهلية

وبعد 50 عاماً من الحرب التي خلفت ضحايا بالآلاف ودماراً مهولاً، هل ينجح لبنان في عدم السماح بتوسعة الشروخ الاجتماعية بين مكونات الشعب، والنجاة من طوفان الحروب الأهلية؟.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"