عادي

«الأهوس».. رواية تحاكي العالم الداخلي لضحايا الحروب

23:53 مساء
قراءة دقيقتين

صدر مؤخراً عن الدار العربية للعلوم «ناشرون»، رواية «الأهوس»، وهي عمل جديد للكاتبة حليمة الستراوي، تحاكي من خلالها العالم الداخلي لضحايا الحروب، في كل زمان ومكان، بطل الرواية «ناجد»، وهو نموذج حيّ لكل إنسان عانى الفقدان، ولم يستطع تقبّل واقعه الجديد، فانتهى به الأمر في مصحّ للأمراض النفسية، بعد أن انفصل عن الواقع، وأصبح هائماً في عالمه الخاص، لا يعرف إن كان يعيش في الماضي أو الحاضر، وربما يعيش موته من دون أن يعلم... «الأهوس» رواية تحتمل قراءات متعددة، وهذا ما يميّزها.
«ناجد» الذي وجد نفسه في أرض بعيدة عن وطنه وعائلته ورفاقه، زائراً دائماً لقصر الحمراء في بلاد الأندلس، معجباً بنافورة السباع التي تزيّن ساحة القصر، ومدفوعاً بشعور قوي، بأنه المسؤول عن إصلاحها، حتى صار مهووساً بها، وشغوفاً برؤية سباعها الاثني عشر المحيطة بها، حتى قال عنه كل مَن رآه: «وثالث عشرها ناجدها».
كلما اقترب «ناجد» من هذه النافورة، يُخيّل إليه أن هناك حياة كاملة تحتها، حياة صاخبة تجمع أناساً من الماضي والحاضر، أشخاصاً عرفهم وآخرين لا يعرفهم، فكان يستلقي على ظهره ويرفع عينيه محاولاً تصويب نظره فيما تحت الحوض، ثم يحرِّك رأسه ليلصق أذنه على الأرضية الرخام، قبل أن يخبره رجل الأمن بضرورة النهوض والابتعاد...
هذه المعالم تتوضّح في النص، من خلال سلسلة من الأحداث التي عاشها بطل الرواية في «الماضي»، ويتمّ استدعاؤها والتعبير عنها سردياً عبر حالة استيهامية ونفسية أصبح يعيشها في «الحاضر»، وتتحقّق نصّياً عبر الهلوسة والحوار الداخلي، الوعي واللاوعي، أو الغوص في الداخل المضطرب الجَيَّاشِ، وصولاً إلى السطور الأخيرة في الرواية التي عملت من خلالها المؤلفة على تكثيف هذه الرؤية واختزالها في لحظة الكشف عن «ناجد» وأمامه طبيبه النفسي، يتلقى العلاج وهو على سرير المرض، مصاباً بالانفصام عن الواقع.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"