عادي

قصائد محملة بالبلاغة في بيت الشعر بالشارقة

01:02 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد البريكي وحضور الأمسية

أقام بيت الشعر في الشارقة، أمسية شعرية في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء مساء أمس الأول، وذلك ضمن سلسلة فعاليات دورية تقدم في كل مرة نخبة من الشعراء العرب، وتمنحهم أجنحة للتحليق في فضاء الإبداع.
وجاءت هذه الأمسية تزامناً مع فعاليات ورشة فن الشعر والعروض، التي دأب بيت الشعر بالشارقة على تقديمها، لتمكين المواهب ومحبي القصيدة من التوسع في مفاهيمها والخوض في أعماق أسسها وقواعدها، وقد اختير موضوع فن الإلقاء ومسرحة القصيدة، موضوعاً لها في هذه الدورة التي يقدمها الفنان خالد عبدالسلام نائب مدير المسرح القومي بمصر، لما للإلقاء من أهمية كبيرة في ربط الشعر بالمسرح، والشاعر بالجمهور، وإحياء التفاعل بينهما، الذي كان أساساً للقصيدة العربية منذ العصور القديمة.
شارك في هذه الفعالية الشعراء: علي أحمد بالبيد من السعودية، وحمزة اليوسف من سوريا، ود. منتظر الموسوي من سلطنة عمان، وقدمها الشاعر السوداني محمد المؤيد مجذوب، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وحشد من الجمهور الذي يحرص في كل مرة على أن يكون في الموعد مع الجمال والخيال، ومنهم جمع من الشعراء والأكاديميين والنقاد ومنتسبي الورشة، الذين تفاعلوا بمحبة مع الشعراء وصورهم البلاغية المبتكرة. وبدأت الأمسية بكلمة الشاعر محمد مجذوب، الذي قدم أسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يرعى الثقافة والشعر، كما شكر دائرة الثقافة بالشارقة التي تمضي بالارتقاء بالمشهد الثقافي، وخص بالشكر أيضاً بيت الشعر على ما يقدمه، قائلاً: «تحيةٌ عظيمةٌ لهذا البيتِ الذي يحتضنُ الكلمةَ كما يحتضنُ القلبُ النبضَ، وللشاعر الأستاذ محمد عبدالله البريكي، مديرِ بيتِ الشعر، الذي جعلَ منه بيتاً فعلياً للشعراء والمثقّفين وملاذاً للكلمة وجسراً للسموّ»
وتوالى الشعراء على المنصة بعد ذلك، ليمنحوا للجمهور فسحة للإبحار بين الصور والمعاني والدلالات، وافتتحت القراءات بعلي أحمد بالبيد، الذي قرأ نصوصاً عن علاقة الشاعر بالحياة والجمال، واصفاً تحولاته النفسية ورؤاه وآلامه، فيقول:
مسافرةٌ أيامك البيض يا فتىً
تساقط من دمع الغمامة فاخصرا
لك العمر مرتاباً لك النجم غائباً
وأوهامك اللاتي.. وأوجاعك الكبرى
موسيقاك لا تكفي لترتاد وادياً
تناثرت في أعتابه صوراً أخرى
تناسختَ أوجاعاً وسُميتَ شاعراً
لذلك كان الشعرُ أوجعَ ما يُقرا
كما قرأ نصاً استقى أجواءه من موضوع الحب وأوجاعه، إذ يقول:
تدور خلفك أسراب الهوى وجعاً
وتخذلُ الأمسَ مختالاً بلا سببِ
وتستوي لتربي صخرةً صُهرت
حتى تتوجَ عرس النار بالذهب
تعيد نفسك والتكرار مجتَلَبٌ
وتعبر اليوم في تكرارِ مجتَلِبِ
أما الشاعر حمزة اليوسف، فقد اختار مجموعة من النصوص ذات الطابع الوجداني، فقرأ نصاً بعنوان «في سباق الثلاثين»، بمثابة حوار مع الذات حول الشباب وسنوات العمر:
مرهقٌ انتَ خيلكَ الآنَ متعبْ
فبأي السنين شوطه سوف يُحسبْ؟
كان فيما مضى رعوداً وبرقاً
تمسك الوقت أن يضيع ويهربْ
جعل الحب وجهة وأتاها
ينحت الدرب بالرجاء ويشربْ
ثم ألقى نصاً آخر يفيض بالأبوة، وأهداه إلى ابنته، مؤكداً أن الشّعر قادر على احتواء أسمى المعاني والمشاعر، فكانت أبياته بمثابة رسالة إنسانية، يقول:
إذا قُلتُ باسمِ اللهِ لاحَتْ عُيُونُهَا
كأنَّ ابْتِداءَ العُمْرِ كانَ رَهِينُهَا
ظَفَرتُ بِهَا فِي عَالَمِ الذَّرِ آيَةً
تَأنْسَنَ فِيهَا النُّورُ جَاءَ يَصُونُهَا
رَعَاهَا بِظَهْرِ الغَيبِ ربِّي فَأقْبَلتْ
عَلى رَفْرَفِ النُّعْمَى تَفِيضُ فُتُونُهَا
عَلىْ خَدِّهَا نَفْحٌ لِسُورةِ مَريَمٍ
يَفُوحُ بِمَا أوْصَتْ إليْهِ مُتُونُهَا
واختتم الدكتور منتظر الموسوي القراءات بمجموعة من النصوص ذات الدلالات العميقة، وكانت محملة بالجمال والبلاغة، فقرأ نصاً بعنوان «آخر ما قاله شاعر ما» طرق فيه باب أرواح الشعراء وعبّر عن رؤاهم، فيقول:
وكانَ يكتبُ -في صمتٍ- له قدرَا
ليعبرَ العمرَ إنساناً.. وما عَبرَا
سمَّى الحياة بأسماءٍ مقدَّسةٍ
وراحَ يقطفُ من أسمائها الثمرا
شَقيَّةٌ هذه الدنيا.. ومُلهمةٌ
كالشعرِ.. لم يُبتكرْ إلا ليَبتكرَا
وجْهان للأرض.. وجهٌ خطَّ لي زمناً
من الشقاء.. ووجهٌ يتبعُ الأثرَا
ثم قرأ قصيدة أخرى بعنوان «من حديث النفس»، حلق فيها في سماء الروح عالياً، وانسابت أبياتها بخفة لتدخل في حواريات الذات والمعنى:
وَقفَ المَدَى خَجِلاً عَلى أبْوَابي
والريحُ تطرقُ.. والقصيدُ جوَابي
لمَّا تفتحَتْ السَّمَاءُ وأيْنعَتْ
آفاقهَا.. اخْضرَّتْ غصُونُ سَحَابي
عَبَرتْ سِنينُ المَاءِ بَينَ مَلامِحي
نهْراً يَصُبُّ عَلى بحَار شبَابي
وفي ختام الأمسية كرّم الشاعر محمد البريكي، المشاركين، وقدم لهم شهادات التكريم.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"