عادي
أكاذيب مكشوفة وغياب للأسانيد القانونية «2 - 3»

مزاعم «الإخوان» ضد الإمارات.. عجز أمام الإنجاز وفشل أمام النجاح

02:00 صباحا
قراءة 7 دقائق
صورة أرشيفية تظهر ألسنة الدخان فوق المباني وسط الخرطوم جراء المعارك بين الجيش و«الدعم السريع» (أ.ف.ب)
نازحون يتجمعون لتناول الطعام الجماعي في مخيم مؤقت في إقليم دارفور (أ ف ب)
أطفال سودانيون نازحون بجوار خيمة تابعة لليونيسف شرقي السودان (رويترز)
لاجئون في دارفور يفرون من المعارك الدائرة (أرشيفية)

د. أيمن سمير

يقول الروائي الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي: «إذا تعلمت الهروب من جذور المشكلة، فسوف تمضي حياتك في هروب دائم» ويبدو أن القائمين على الجيش السوداني لم يتعلموا شيئاً من دوستويفسكي عندما قرروا «الهروب إلى الأمام» من خلال عدم السعي إلى علاج الجرح السوداني النازف، ومحاولة التغطية على هذا الفشل عبر تقديم شكوى ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية، فأي طالب في الصف الأول بكلية الحقوق يعلم تماماً أنه لا توجد أي حجة أو دليل سياسي أو قانوني تستند إليه جماعة «الإخوان» التي تسيطر على مفاصل الجيش السوداني في مزاعمها ضد دولة الإمارات

الحقائق التي يعرفها الشعب السوداني قبل غيره، تقول بوضوح: إن الإمارات هي أكثر دولة في العالم قدمت دعماً ومساعدات للتخفيف من الدمار والمعاناة التي عاشها الشعب السوداني بسبب إصرار «الإخوان» على العودة للحكم عبر بوابة إشعال الحرب الأهلية، ورفضهم حتى اليوم لكل دعوات السلام ووقف إطلاق النار، فالإمارات قدمت مساعدات بمئات الملايين من الدولارات للشعب السوداني منذ قرار قيادات «الإخوان» في الجيش السوداني الانقلاب على الاتفاق السياسي الذي كان يمهد لخروج الجيش والإخوان من الحياة السياسية، لأن تنفيذ اتفاق ما قبل 15 أبريل عام 2023 كان يعني تفكيك البنية المتطرفة الإخوانية ومحاكمتهم على جرائمهم بحق الشعب والدولة السودانيين منذ انقلاب عمر البشير عام 1989 ولهذا أشعلوا الحرب الأهلية لتحقيق مصالحهم الحزبية، والهروب من المحاكمات التي كانت تنتظرهم، ومحاولة العودة مرة أخرى للحكم وهو ما يقول: إنهم يتحملون مسؤولية كل الدماء التي سالت في السودان خلال أكثر من 24 شهراً من الحرب وللتغطية على هذه الجرائم وبهدف التشويش على دور الإماراتي الإنساني ذهب «إخوان السودان» بقضية مفككة إلى محكمة العدل الدولية وهو ما يقتضي طرح سلسلة من الأسئلة حول مغزى التوجه لمحكمة العدل الدولية رغم اليقين بعدم اختصاصها، وعدم وجود أي دليل سوى الكلمات المرسلة التي كررها من قبل مندوب «إخوان السودان» في مجلس الأمن الدولي، فمن هو الطرف الذي ينبغي أن يحاكم على جرائمه بحق السودانيين؟ وما هي الرسائل التي أرادت الإمارات توصيلها إلى الشعب السوداني والعالم عبر إصرارها على الحضور في المحكمة، ودحض كل الافتراءات والأكاذيب التي تفوه بها ممثل «إخوان السودان» في محكمة العدل الدولية؟.

5 حقائق

قراءة تفاصيل المشهد السوداني بعد عامين من الحرب التي شردت الملايين ودفعت ملايين أخرى للنزوح داخل السودان أو الهروب خارجه تكشف 5 حقائق رئيسية وهي:

أولاً: إطالة زمن الحرب

لا يشك أحد في السودان بأن قيادات «الإخوان» في الجيش السوداني رفضوا كل المحاولات الإقليمية والدولية لوقف الحرب، فالجيش السوداني بدافع من «الإخوان» انسحب من «مفاوضات جدة» التي كانت تهدف إلى وقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية والطبية منذ 11 يونيو 2023 ومنذ ذلك التاريخ قتل الآلاف وشرد الملايين من الشعب السوداني وتم تدمير مدن بأكملها وأيضاً رفضت قيادات «الإخوان» بالجيش السوداني المشاركة في «مفاوضات جنيف»، التي دعت إليها الأمم المتحدة، وشارك فيها «الدعم السريع» ورغم إلحاح الدول العربية والإسلامية والأمم المتحدة ودول أوروبية تهتم بالشأن السوداني مثل المملكة المتحدة والنرويج إلا أن «إخوان» الجيش السوادني رفضوا إرسال وفد إلى جنيف من أجل مواصلة الحرب التي تخيم بأهوالها ومآسيها كل يوم على جميع السكان ولهذا قالت ريم كتيت نائب مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية وممثلة دولة الإمارات أمام المحكمة: «إن الطرف المدعي يسعى إلى إلقاء التهم بدلاً من السعي لتحقيق السلام وضمان إيصال المساعدات الإنسانية» وهذا يؤكد أن الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 ليست سوى «امتداد لخطة منهجية يقودها تيار الإخوان في السودان للانقلاب على مكتسبات ثورة ديسمبر 2019 عبر العمل في البداية ضمن تحالف تكتيكي بين الجيش والدعم السريع وبعد فشل الانقلاب، لجأ «الإخوان» إلى الحرب «كخطة بديلة» واليوم يستخدمون أدوات الدولة، بما في ذلك القضاء الدولي للتهرب من مسؤولياتهم في تأجيج الصراع على مدار العامين الماضيين

ثانياً: رفض دخول المساعدات الإنسانية

اتهمت الأمم المتحدة عشرات المرات الجيش السوداني بمنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية وهو ما أدى إلى وفاة الآلاف من الجوع والمرض والإصابات الناتجة عن هجمات الجيش السوداني بالطيران الحربي ويكفي الإشارة إلى نموذج واحد لمنع حكومة الجيش قوافل الغذاء والدواء ووفق ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» في 27 يوليو الماضي، فإن السفيرة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد أدانت سلوك الجيش السوداني الرافض لدخول المساعدات الإنسانية من معبر «أدري» الحدودي مع تشاد وأسهم رفض حكومة الجيش السوداني دخول المساعدات الإنسانية إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات مرتفعة من الجوع من 1.7 مليون شخص في نهاية عام 2023 إلى سبعة ملايين نسمة في يونيو 2024 وفق ما قالته مبادرة «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة».

ثالثاً: احترام للمحكمة

من منطلق احترام محكمة العدل الدولية وتأكيداً على أن سلوك الدول أسمى وأرقى من سلوك الجماعات التكفيرية والظلامية أصرت دولة الإمارات أن تحضر إلى المحكمة لتكشف للعالم الكذب والتضليل الذي قامت عليه دعوى القوات المسلحة السودانية والتي رفعها عناصر «الإخوان» في الجيش السوداني أمام المحكمة العدل الدولية في 6 مارس الماضي، فالقضية بالكامل تفتقر إلى أي أساس قانوني ومضللة ولا تعدو سوى محض افتراءات وما يؤكد أن هدف الجيش السوداني هو «التشويش الخبيث» على الإمارات هو إدراك عناصر «الإخوان» في جيش السودان أن الإمارات العربية المتحدة كان لها «تحفظ على المادة التاسعة» عند انضمامها في 2005 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية وهو ما يعني بوضوح عدم اختصاص المحكمة وأن المحكمة في النهاية سوف ترد القضية وتسحبها نظراً لعدم «الاختصاص المباشر»، خصوصاً أن «اتفاقية الإبادة الجماعية» تتطلب شروطاً دقيقة للإثبات، أبرزها النية المسبقة لارتكاب الإبادة ضد مجموعة عرقية أو دينية محددة وهو ما لا يتوفر في ملف ادعاء الجيش السوداني.

على الجانب الآخر فإن إدراك الإمارات لعدم اختصاص المحكمة ورغم ذلك أرسلت فريقاً رفيعاً إلى المحكمة هو تأكيد جديد على احترام الإمارات للقانون الدولي والجهات القضائية الدولية.

رابعاً: جلب المرتزقة

القاصي والداني يعرف أن الجيش السوداني هو من يجلب المرتزقة لقتل الشعب السوداني وحتى العناصر التي أخرجت قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عندما كان محاصر في مقر قيادة الجيش منذ 15 أبريل 2023 وحتى أغسطس 2023، عندما خرج من الخرطوم إلى بورتسودان، كانت عناصر أجنبية من دولة في شرق أوروبا وفيديوهات هذه المجموعات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحدثت عنها كبريات الصحف الغربية، وبعد أن التقت صحيفة «وول ستريت جورنال» في مارس 2024 بهؤلاء المرتزقة العائدين من السودان باتت القضية معروفة بالصوت والصورة، وبالتالي بات واضحاً من يستعين بقوات ودعم أجنبيين وهو الجيش السوداني الذي وثق علاقته بالمجموعات المرتزقة من شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وتوظيفها في الإبادة الجماعية وقتل المدنيين وفق شهادة العناصر التي عادت من السودان وكشفت تلقي الجيش السوداني وكتيبة البراء بن مالك التابعة له أسلحة وذخيرة متقدمة للغاية منها «بنادق كاتمة للصوت» من طراز«أم كيه أم» وهو دليل إضافي على أن الجيش السوداني هو الذي يستورد المقاتلين والسلاح والذخيرة من أجل قتل السودانيين.

ولم يكتف الجيش السوداني بكل هذا، بل استعان بعناصر من «الدواعش» وفق ما نشرته العديد من المنصات السودانية التي أظهرت أحد هذه العناصر مع سلاحه بجوار فندق كورنثيا وسط العاصمة السودانية الخرطوم ووفق شهادات سودانية فإن «الدواعش» يعملون بجوار مجموعات «المستنفرين» وهي مجموعات شبه عسكرية تقودها كتيبة «البراء» الإخوانية.

خامساً: وجود السلاح ليس دليلاً

لم يستطع وفد الجيش السوداني تقديم أي دليل أمام المحكمة يثبت مزاعم الدعم الإماراتي لأي طرف من أطراف الحرب الحالية، وهو ذات المعنى الذي أكدت عليه نائبة مساعد الوزير للشؤون السياسية بوزارة الخارجية الإماراتية عندما قالت: «منذ بدء الحرب لم تقدم الإمارات أي أسلحة لأي من طرفي الحرب».

وتدعي حكومة «إخوان السودان» بأنها وجدت أسلحة وذخيرة جرى تصنيعها في الإمارات لدى قوات «الدعم السريع»، وهذا ليس دليلاً على الإطلاق على إرسال الإمارات مثل هذه الذخائر والأسلحة، فالمعروف أن الطرف المشتري للسلاح يمكن أن يعيد بيعه أو منحه لجهة ثالثة أو رابعة، فعلى سبيل المثال أغلبية الأسلحة المنتشرة في العالم جاءت من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا باعتبار هذه الدول أكبر مصدرين للسلاح في العالم، لكن الحقيقة أن الأطراف التي وصلتها تلك الأسلحة لم تشترِ هذا السلاح بشكل مباشر من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وخير شاهد على هذا الأمر هي الأسلحة التي تملكها الجماعات الإرهابية، فهي لم تشترِها بشكل مباشر من روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا، لكن وصلتها عبر طرف ثالث، ولهذا جميع الاتفاقيات الدولية لم تمنع بيع ونقل السلاح إلا في حالات نادرة، لأنها تعلم جيداً أن الجهات التي تشتري السلاح قد تعيد بيعه لأطراف أخرى ومن هذه الاتفاقيات التي لم تحظر بيع ونقل السلاح والذخيرة إلا في حالات خاصة «اتفاقية الموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوربي لعام 2008 والتي تعرف اختصاراً «CFSP944»، وكذلك الأمر في «اتفاقية إفريقيا الوسطى» و«إتفاقية الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا حول الأسلحة الصغيرة والخفيفة» وفق ما هو منشور الآن على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولهذا فإن التذرع بوجود قطعة سلاح أو بندقية في مكان ما لا تعني أبداً أن الدولة التي صنعت هذا السلاح هي التي أرسلته إلى جبهات القتال.

سادساً: عقدة «الإخوان» تجاه الإمارات

الواضح أن عقدة «الإخوان» تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح والأيادي الممدودة بالخير والعطاء للجميع دون استثناء، فجماعة «الإخوان» في السودان وكتائبها الظلامية ما هي إلا مجرد أيديولوجيا أمام كل ما تمثله الإمارات من تنمية وازدهار ورفاهية لشعبها وللمقيمن فيها، دوافع «الإخوان» في محاولة تشويه صورة الإمارات تمثل العجز أمام الإنجاز والفشل أمام النجاح، فمنذ تأسيس الجماعة الظلامية عام 1928، أي قبل قرن كامل لم يخرج منها إلا مشاريع التخريب والتقسيم والفوضى ولعل ما جرى عام 2011 خير شاهد على فشل هذه الأيدلوجيا شديدة التطرف وما تبقى من هذه الجماعة المتطرفة في الوقت الحالي ليس إلا صدى إعلامياً ضعيفاً وساخطاً، فالمشاريع الناجحة تقاس قيمتها بازدهار المجتمعات وخدمة الشعوب وفي سبيل النيل من الإمارات حاول الجيش السوداني تكرار نفس الاتهامات أمام مجلس الأمن الدولي والمجلس العالمي لحقوق الإنسان وفي كل هذه المنتديات الدولية تصدت الإمارات لهذه الأكاذيب بالشرح والأدلة التي تؤكد أن العالم لا يمكن أن تنطلي عليه تلك الادعاءات «الإخوانية» التي ينشرونها ضد أي دولة تفضح مخططاتهم وترفض مشروعهم التخريبي.

[email protected]

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"