دولة على هضبة من الفنون

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

تردد على كرسي البابوية 266 بابا، آخرهم البابا فرنسيس الذي رحل عن هذه الفانية أمس الأول أو «تنيّح» كما تذكر الأدبيات السريانية. وكلمة «تنيّح»، كما يشرحها الروائي يوسف زيدان، في أحد هوامش روايته «عزازيل»، هي كلمة سريانية ما زالت مستعملة في الكنائس، بمعنى مات أو توفي، وهي في أصلها السرياني تعني: استراح.
وإذا أصغيت أكثر إلى هذه الكلمة «تنيّح»، فستجد أنها قريبة من الكلمة العربية أو الفعل العربي «ناح»، والنواح في اللغة العربية هو البكاء على الميّت.
والفاتيكان اسم هضبة في روما أقيم عليها مدينة أو دولة الفاتيكان الروحية. والكثير من البابوات شعراء أو كتّاب أو مهتمون ثقافياً بالفنون. تقول سيرة حياة البابا أنسطاسيوس الذي عاش في القرن السابع 605-616، إنه كان يكتب كتاباً روحياً كل سنة، أي ترك 12 كتاباً مرتبة بحسب الأبجدية القبطية (ويكيبيديا).
البابا شنودة الثالث كان شاعراً ومتذوّقاً رفيعاً للآداب والفنون، وجاء في «الموسوعة الحرّة» أيضاً أن البابا يوليوس الثاني (1443-1513) عرف باهتمامه بالعلوم والفنون، خصوصاً الرسم والعمارة، ولا ننسى بالطبع أن فكر وثقافة وعقل العصور الوسطى في أوروبا شارك في بنيته الروحية والسياسية رجال دين مسيحيون (قدّيسون) مثل: القدّيس جيروم المؤرخ والمترجم (342-420)، والقدّيس أوغسطين (354-430)، وهما هنا على سبيل المثال السريع، أما حصر البابوات والقسيسين (أو القساوسة) والرهبان الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين، فيحتاج إلى مجلدات ومرجعيات موثوقة تقرأ على مهل وبوعي مركّز حيث الكثير من رجال الدين المسيحيين من قُتِل، ومن حوكم، ومن طرد من السلك الكنسي.
الفاتيكان، المدينة أو الدولة الأصغر في العالم، ولها كل مكوّنات مؤسسة الدولة الحقيقية من قضاء، وحكومة، وحرس، واقتصاد وأمن.. هو من جهة ثانية عمل فني.
الفاتيكان ليس مجمعاً روحياً يضم طبقات من الكرادلة ورتباً دينية مسيحية عديدة فقط، بل هو أيضاً مجمع متاحف فنية كبرى تضم أغلى وأعرق الأعمال الفنية التاريخية في مختلف الحضارات والثقافات الحية.
كاتدرائية القديس بطرس صمّمها الرسام الشهير مايكل أنجلو، ومن أعجوباتها الفنية ما رسمه أنجلو على سقوف الكاتدرائية.
يضم الفاتيكان العديد من المتاحف الفنية التاريخية والمتخصصة، مثل متحف الفاتيكان وتأسس في عام 1506، وتأسست مكتبة الفاتيكان في عام 1475، وتضم، أكثر من 75 ألف مخطوط، وتضم متاحف الفاتيكان بشكل خاص أعمالاً فنية لكبار رسّامي ونحّاتي عصر النهضة الأوروبي.
الراحل فرنسيس أوّل بابا من خارج أوروبا (من الأرجنتين) يتقلد هذا المنصب الروحي الكبير. هو ابن ثقافة بورخيس، وتشي جيفارا، والبرتو مانغويل، وتقول سيرته إنه كان يغسل أقدام الفقراء، ويحب الفلسطينيين.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"