«بركتنا».. مبادرة ردّ الجميل

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما يصعب على المرء أن يستدعي دموعه حين يوضع في موقف إنساني مؤثر، باستثناء لحظة وجوده في حضرة أحد كبار السن الذين علمّت فيهم الحياة وتركت بصماتها على وجوههم وأبدانهم وفي طريقة عيشهم وتفكيرهم.. كل ما يحملونه على أكتافهم من تراكم الخبرات وتكدّس الحكايات، وكل ما نحتته الأحداث التي عاشوها من نقوش لن تزول مهما تقدم بهم العمر، يشكّل هذا البناء المتين المحصّن بالحكمة والخبرة والنضج والعمق في التصرّف والقول والتفكير.
مخطئ بحق نفسه من يبدي أي تذمّر أو تململ لوجود أحد ذويه من كبار السن في بيته، ومخطئ كل من يختار له الله مهمة رعاية أحد المسنين فيبدي انزعاجه المستمر ويبحث عن أي وسيلة للتخلص من هذه «البركة» الموجودة في داره أو على بعد خطوات منه، وكأنه «ابتلاء» يناجي ربه لإبعاده عنه.
مع إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مبادرة «بركتنا» التي تستهدف كبار المواطنين، من أجل الارتقاء بجودة حياتهم وضمان رفاهيتهم، و«تعزيز كفاءة تقديم الرعاية المنزلية الضرورية لكبار المواطنين في ظروف عائلية مناسبة تضمن لهم حياة مستقرة وصحية بين أبنائهم وأفراد أسرهم»، يتمنى كل إنسان فقد والديه (أو أحدهما) لو يعود بهم الزمن إلى الوراء كي يتمكّن من تقبيل أياديهم وإدخال البهجة إلى قلوبهم ورعايتهم والاهتمام بهم أكثر فأكثر، لكن الزمن لا يعود أبداً إلى الوراء والوقت لا يمنح أحداً مهلة تعويض ما مضى بعد فوات أوانه؛ المبادرة هي دعوة للالتفات إلى كبار السنّ وهي دعوة إلى صحوة الضمير والنظر إلى «كبارنا» بعين الرضا والحب واحتضانهم وتكريمهم بكل الوسائل الممكنة.
«كبارنا» دعوة كريمة من الإمارات تضيف إلى رصيدها الإنساني، وتضيء شعلة من أجل لفت أنظار الجميع إلى أهمية الحفاظ على القيم والمبادئ من خلال الحفاظ على الكبار وتكريمهم، هؤلاء الذين ساروا على الدرب وشاركوا في بناء الوطن والمجتمع وتركوا بصمات- كلٌّ بطريقته ومن موقعه-، من واجب كل منّا رد الجميل لهم والاعتناء بهم وإحاطتهم بالحنان وتوفير الأجواء الأسرية والحياة الكريمة لهم؛ وكما قال صاحب السمو رئيس الدولة «من حقهم علينا رعايتهم ودعمهم وتحسين جودة حياتهم باعتبارهم مكوناً أساسياً وفاعلاً في المجتمع.. ومبادرة «بركتنا» ردّ للجميل لهم وتعبير عن التقدير لتضحياتهم في سبيل رفعة الوطن والارتقاء به.. كبار المواطنين مستودع للخبرة والأمناء على عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة لنقلها إلى الأجيال الجديدة، كما أنهم بركة الحياة، وبحكمتهم وبصيرتهم ينيرون طريق الجيل الجديد».

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"