عبداللطيف الزبيدي
إلى أين تمضي بنا مفاجآت الكون؟ منذ مطلع القرن العشرين، في كل عقد تتحوّل المقاييس، تتغيّر المفاهيم، فإذا علماء الفيزياء أشدّ حيرةً في الطبيعة والعالم والكون، من العرفاء والشعراء. السابحون السارحون في التجليات الصوفية والخيال الشعري، حيْرتهم برْدٌ وسلامٌ على أفئدتهم الفارغة من معاناة المعادلات والنظريات.
قبل تمرير رسالة خاطفة إلى المناهج، فيها غمزٌ ولمزٌ وهمزٌ في عواقب غياب الاستشراف التربوي، رجاءً، تتخيّل جنابُك نفسَك فيزيائيّاً أمدّ الله في أيامك من الربع الأخير من القرن التاسع عشر، ولا تزال تحمل الأمانة، التي أبَتْ حمْلَها التنمياتُ المتعثرة وأشفقن منها. حتى أوائل القرن العشرين، لم تكن تعلم أن الذرّة قابلة للانشطار، وأن المادّة يمكن أن تتحول إلى طاقة، والعكس، وأن الذرّة في نواتها بروتون فيه ثلاثة كواركات، كل واحد منها يساوي واحداً من مليارِ مليارِ جزء من المتر. كنتَ تعتقد أن مجرّتنا سكّة التبّانة هي كل الكون. الكون اليوم فيه حوالي تريليوني مجرّة.
علماء الفيزياء يعبّرون كل بضع سنوات عن الحاجة إلى فيزياء جديدة، لأن النظريات الموجودة، لا تفي بفهم الكون. تخوم الكون المنظور تُراوح بين خمسين وتسعين مليار سنة ضوئيّة، والمسافة ستكون أضعافاً عند الوصول، نظراً إلى سرعة توسّع الكون. ما رأيك؟ موقع «تايمز أنترتينمنت» (21 إبريل) نشر مقالاً عن فريق فيزيائيين في جامعة هاواي الأمريكيّة، يقول إن «الكون قد يكون يدور بتؤدة، وأن دورته تستغرق خمسمئة مليار سنة». أرضنا الحبيبة، رشيقة كالخذروف، تُكمل دورتها حول نفسها في يوم، وفي عام تستعرض مهاراتها أمام ملكة منظومتنا.
الفريق لا يدري أن استنتاجه يُلهب نفوس الواعين من المسلمين، الذين يدركون مأساة تخلف الأمّة في ميادين جوهريّة تعزّز الإيمان بالعلوم التي خلق الله تعالى بها الكون والحياة. يقول رئيس الفريق: «إن دورة الخمسمئة مليار عام بطيئة إلى درجة تعذّر إيجاد أدوات قياس تلتقط تلك الحركة.
منشأ الفكرة ملاحظة بسيطة، وهي أن كل شيء في الكون يدور، الكواكب، النجوم، المجرات وحتى الثقوب السوداء». واعجبا، هل ثمّة مسلم لا يعرف: «وكل في فلك يسبحون»؟ تكررت مرتين في «الأنبياء» وفي «يس». وفي «العنكبوت»: «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلقَ».
لزوم ما يلزم: النتيجة الانتظارية: على المناهج العربية أن تختار للأمة أحد النهجين: انتظار أن تصير رؤية بداية الخلق عبر جولة على القدمين، أو انتظار نصف تريليون عام لاتخاذ موقف.