«الشارقة القرائي للطفل»

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

جاء شعار الدورة السادسة عشرة لمهرجان الشارقة القرائي للطفل هذا العام 2025 تحت عنوان واسع الدلالة، لكنه مكثف في كلمتين: «لتغمرك الكتب»، والقراءة بمعناها الثقافي والتربوي والبنائي هي الدلالة. وهي المعنى الآني والمستقبلي الذي يتمركز في طبيعة المهرجان وأهدافه المعرفية.
بالدرجة الأولى، المهرجان فضاء حرّ وحيوي للقراءة، وتساعد على هذه الحيوية مشاركة متخصصين في ثقافة الطفل من الوطن العربي والعالم، وكل متخصص هو في الواقع يمتلك تاريخ ثقافة الطفل، وتحولاته منذ أن كانت القراءة لهذا الكائن الصغير الجميل طقساً يومياً، أو الأصح أنه طقس ليليّ تقوم به الجدّات قبل النوم، وهي صورة رائعة نجد تجلّياتها الحميمة عند الكثير من كبار كتّاب العالم في الشرق والغرب الذين يتحدثون عادة بمودّة عن دور أجدادهم بالتحديد عن بناء معرفياتهم الأولى من خلال قراءة الكتب.
هذا الطقس الحميم، قراءة الجدّات قبل النوم لأحفادهن وحفيداتهن، أحد موضوعات المناقشة في هذه الدورة من المهرجان، ذلك أن ظاهرة الجدّات والأجداد القرّاء قد اختفت اليوم، أو أنها ما زالت قائمة في بعض الأرياف والقرى التي يقرأ فيها جيل قديم من الرجال والنساء، بخاصة في الغرب.
اليوم، بإمكان الكمبيوتر أو الذكاء الاصطناعي أن يقرآ للكبير وللطفل وللعائلة كلّها، لا بل أصبح الطفل قارئاً لنفسه، إن لم يكن يقرأ لأمّه وأبيه، فنحن في عصر اللغات وتعددّها وتعلّمها في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، ونحن أيضاً في زمن العالم الذي تحوّل إلى قرية صغيرة في الكنايات اليومية التي تدل على تحوّل العالم في «عولمة»، والطفل ليس بعيداً عنها.
يلفت نظر القارئ في ما هو منشور حول هذه الدورة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل تعددية الموضوعات والمحاور المدُرَجَة على جدول البرنامج الثقافي للمهرجان: الكتابة في عصر الذكاء الاصطناعي موضوع الساعة وربما موضوع العالم، ويجري بحثه ومقاربته في المهرجان. وكذلك، أخذ البرنامج في عين الاعتبار موضوع الكتب المصوّرة (الروايات والقصص المصورة)، وفي الاعتبار أيضاً موضوع اللغة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتنمية الذكاء العاطفي، وغيرها من محاور ثقافية تبدو للوهلة الأولى كما لو أنها مُوَجّهَة للقارئ الكبير، ولكن علينا دائماً أن نذهب إلى القوة العظيمة الكامنة في عقل الطفل وخياله، وهي قوة استيعاب ثقافي سريع يعرف الطفل كيف يوظفها ببساطته لمصلحته المعرفية الفطرية.
منذ عقد ونصف العقد من الزمن، وعبر دوراته المتتالية والمتكاملة استطاع مهرجان الشارقة الثقافي تعميق قيم القراءة ونبلها في جيل من الأطفال عرفوا أيضاً بهجة القراءة وحياة الكتب السردية والمصورة في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي وُلِدَ منه «الشارقة القرائي للطفل». ومن المعرض، أيضاً، وُلِدت مبادرات ومشاريع وأفكار عظيمة جميلة هي في مجملها رؤية مستقبلية حكيمة ترعى الطفل وَتُوجّهه إلى الخير والجمال.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"