العطاء بدل الانطفاء

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

بعد مرور السنين الطوال في العمل المنتظم وخدمة الوطن والمجتمع يأتي وقت يحال فيه الموظف على التقاعد بسبب وصوله إلى عمر معين، أو بطلب منه شخصياً للتقاعد المبكر لأسباب شخصية. وكم أتمنى البحث عن كلمة غير كلمة «تقاعد»، لأنها تدل على القعود وعدم إكمال المسيرة في الحياة وقطف ثمار هذه السنين، والثمار هي تلك الخبرات التي اكتسبها الموظف من حياته العملية، التي يستطيع أن ينفع بها مجتمعه ووطنه، ويستمتع هو بنفس الوقت وذلك بتقديمها عن طريق الورش أو الندوات أو اللقاءات عبر الأثير، فيكون استمرار العطاء بدل الانطفاء.
ولا يجب تجاهل هذه الفئة التي قدمت الكثير، ولا التفريط بالكنوز والخبرات التي اكتسبوها على مر السنين الطويلة من العمل والحياة، وهي ثروة لا تقدر بثمن إذا أحُسن استثمارها.
ولديهم المقدرة إذا أرادوا ذلك على تقديم النصح والإرشاد للأجيال الجديدة، ليتجنبوا الوقوع في الأخطاء التي مروا هم بها، وكل متقاعد في تخصصه ومجال عمله قد يضيف الكثير من المعلومات والخبرات للشباب، ليختصروا عليهم الطريق.
إن استثمار خبراتهم هو بأن يكونوا مرشدين أو مستشارين ينقلون إرثهم المعرفي الذي لن يجده الشباب في الكتب أو البرامج التعليمية، لأنها تجارب حية.
والأمر ليس فقط تقديم خبراتهم في تخصص وظائفهم بعد التقاعد، فهناك من كبار المواطنين من لديه حرفة يدوية ومهارة أو هواية كان يمارسها دائماً بجانب وظيفته سابقاً، ويمكن أن يستفيد من خبرته الآخرون، وبذلك يكون قدم شيئاً يحبه ويستمتع به، ويستفيد منه الآخرون، فيعزز ذلك صحتهم النفسية والجسدية، لأن الاستمرارية في العطاء والمشاركة والاندماج في المجتمع تساعد كثيراً في رفع المعنويات وتعزز من تقدير الذات، وشعور العزلة والتوقف عن العطاء بعد التقاعد قد يؤثر سلباً في البعض.
ويمكن الاستفادة أو الاستعانة بهم في التدريب والإشراف في أماكن عملهم السابقة مثلاً إذا هم أرادوا ذلك، أو استضافتهم في المدارس والجامعات لإلقاء محاضرات أو ورش عمل تنقل تجربتهم الحية للطلاب.
علينا أن نعيد نظرتنا للتقاعد فهو ليس نهاية مطاف، بل قد يكون عطاء من نوع آخر.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"