«عدم اليقين».. هل يتحول إلى إعصار؟

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين
2

مصطلح عدم اليقين بات شائع الاستخدام من قبل المسؤولين في المؤسسات النقدية والمالية والتجارية الدولية، كما أن التقارير التي تصدرها تلك المؤسسات باتت تركز على حالة عدم اليقين المعيشة. هذه الحالة يتردد صداها على مستوى الدول فرادى أيضاً. جاءت هذه الحالة على وقع إجراءات غير مسبوقة طالت التجارة الدولية. يضاف إليها الحالة العامة للنظام الدولي في هذه المرحلة الانتقالية.
من بين أمثلة الحديث عن عدم اليقين ما ورد على لسان المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا التي ذكرت أن من بين آثار التوترات التجارية وجود كلفة عالية لحالة عدم اليقين، حيث «يصبح التخطيط أمراً صعباً»، ويترتب على ذلك «سفن عالقة في البحر لا تدري إلى أي ميناء تتجه، وقرارات استثمار مؤجلة، وتقلبات في الأسواق المالية، وزيادة في الادخار التحوطي. وكلما طالت حالة عدم اليقين زادت الكلفة». كل هذا نتيجة «تآكل الثقة بالنظام الدولي، والثقة بين البلدان».
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في أحدث تقاريره بخصوص توقعات عام 2025 اعتبر كما ورد في عنوان التقرير أن «عدم اليقين يعيد تشكيل الآفاق الاقتصادية العالمية». وقد خلص التقرير إلى بلوغه «أعلى المستويات التاريخية». ويبدو أن هذا نتيجة لاجتماع كل المخاوف وبلوغها «نقطة الفوران» على حد تعبير المديرة العامة لصندوق النقد الدولي. منظمة التجارة العالمية هي الأخرى تحدثت عن حالة عدم اليقين على الصعيد العالمي. كما أن تقريراً يابانياً حكومياً شهرياً عن الاقتصاد في شهر إبريل/ نيسان الحالي استخدم نفس المصطلح بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.
أشد ما يحتاجه العالم هو الخروج من حالة عدم اليقين تلك. يتطلب ذلك تكاتف جهود المؤسسات الدولية، العالمية منها والإقليمية. وفي نفس الوقت سعي الدول إلى تخفيض مستويات التوتر. هذا التوتر الذي لم يعد قاصراً على مناطق الصراع المسلح، ولا التنافس الاستراتيجي، وإنما اخترق المجالات الاقتصادية، وعلى رأسها التجارة العالمية التي باتت واقعة تحت ضغوط كبيرة وواسعة.
هناك وصفات قدمتها جهات دولية للتعامل مع حالة عدم اليقين تلك، ومن بينها صندوق النقد الدولي. لكن تبقى إشكالية مدى الأخذ بهذه الوصفات خاصة من قبل الدول صاحبة التأثير، لا سيما أن تصرفات البعض منها كانت السبب الرئيسي في وجود تلك الحالة.
ما لم تبادر تلك الدول بالانصياع للقواعد الدولية المستقرة التي ترعاها مؤسسات راسخة فإنها تفقد الكثير من مصداقيتها. كما أن الدول الضعيفة التي ما زالت تكبلها قواعد وشروط صعبة تلزمها بها تلك المؤسسات سيزداد شعورها بالغبن في هذا العالم الذي بات صراع الأقوياء فيه يزيد من معاناة الضعفاء.
ما زال بالإمكان التغلب على موجة عدم اليقين والحيلولة دون تحولها إلى إعصار تكون نتائجه أقسى وأشد وأطول أمداً. فقد تنفجر أزمات ديون في هذه المنطقة أو تلك، وقد يصاحب التضخم ركود، ومن ثم تظهر واحدة من أصعب حالات الاقتصاد المعروفة باسم الركود التضخمي، ولربما انتقلت العدوى وباتت الظاهرة عالمية، ومن ثم يصبح احتمال ما حدث في ثلاثينات القرن العشرين من كساد وصف بالعظيم ليس ببعيد.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"