هل العالم أمام نقلة حضارية نوعية؟ حُسن ظنك بالأيام معجزة. لكن حتى لا ترجع آمالك بخفّي حنين، قل بملء فيك إن المسرح العالمي أمام مشهد غير قاتم في العلاقات الدولية.ها أنتَ فرجت أساريرك، وانبلجت سريرتك.
على الإنسانية أن ترجو صدق الرؤية التحليلية. الصورة اليوم مختلفة عن تحوّلات انتقال الهيمنة العالمية في التاريخ الحديث.هي غير تلك التي تسلّمت فيها الإمبراطورية البريطانية، التي كانت لا تغرب عنها الشمس، مقاليد الكوكب من الإمبراطورية الفرنسية. انتقال وضع اليد على الساحة المستباحة الدولية، من بريطانيا العظمى إلى صولجان شمال القارة الجديدة، كان إيذاناً بشيء ظريف يسمّيه أهل البلاغة الجناس الكامل: تسلّم المِشعَل من أضحى مُشعِل الكوكب.
العهدة على فطاحل الجغرافيا السياسية والاستراتيجية، فهم يردّدون صباح مساء: إن العالم مثل المطار، مغادرون وقادمون. الغرب غارب، ألقى الحبل على الغارب، والتنين لديه حنين إلى إحياء ماضي القرون. كيف ستجري الأمور؟ أخطر ما في لعبة الأمم أن تتناطح القمم، فعندئذ يصدق المثل الإفريقي: «عندما تتصارع الفيلة، فإن العشب هو الذي يداس». يقول الشابي: «إن الحياة صراعٌ.. فيها الضعيف يداس». المخمصة هي أن التحليل الرصين الموضوعي لم يعد له في الإمكان مكان. الوضع عجيب، قبل أن يفكر أحد في القول: «وأمْهِلْنا نُخبّرْك اليقينا»، يكون قد بات في خبر كان. ما يُبعد التشاؤم، أن التنين لم يحارب خارج ترابه السيادي في تاريخه، وهو يوصي قومه منذ آلاف السنين بالمثل:«اجلس إلى ضفة النهر وانتظر، فسيمرّ يوماً حاملاً جثّة عدوّك». لكن،«حذارِ من غضبة الحليم»، فردود الفعل الصينية تشبه النقلات الساخرة في لعبة الشطرنج بين الكبار، حين تجعل الحركة الخصم يفقد أعصابه. أيّ سخرية استراتيجية هي تلك المبادرة المستفزة، بعد رفع التعرفة الجمركية على الكل في الكل، بلا استثناء، ردّ التنين بإعفاء ثلاث وثلاثين دولةً إفريقيةً منهكة الاقتصادات، من رسوم صادراتها إلى الصين. هل ستتمنّى دوام الحرب الباردة الحامية؟الخطر الذي يتهدد السلام العالمي، هو دفع الصبور إلى فقد جَلَده وخروجه من جلْده. كانت والدة القلم في طفولته تحذّره من عواقب إطعام قطّه اللحم النِّيء، لأنه يعيده إلى أنياب الغاب. ضعوا الثلج على رأس التنّين.
لزوم ما يلزم: النتيجة الموسيقية: على العالم أن يظل يقظاً حين يكون النفير سيّد الأوركسترا، مثل كونشيرتو الترومبيت لجوزيف هايدن. سياسة الترامبيت لدى ترامب.