في بلاد عجائب المستقبل

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ظفرتَ يوماً بهنيهة قضيتَها تتفكّر كعربي في بلاد عجائب المستقبل؟ ذلك العالم الذي سيأتي، وما أعجب كل عجيب فيه.
إن كنتَ يقظاً واعياً فطناً، فإنك الآن، وفي كلّ آنٍ، فيه، وإن كنتَ نائماً واهماً ساهماً غائباً عن الوجدان، فإنه لن يأتي أبداً، كأنما هو يفرّ منك هارباً. أطلق لخيالك العنان، عالم الخيال هو الآخر بلاد أخرى عجائبها أخرى. تخيّل نفسك وقد انطوى فيك أربعمئة مليون عربي. ستصرخ معترضاً: ما هذا الهراء؟ هل يسع هذا الكيس الجلدي الضيّق نفوس أمّة؟ هدّئ من روعك واشحن بطارية مخيّلتك، ففي الكيس الجلدي الذي يحملك أو تحمله، حوالي ستين ألف مليار خليّة، كل واحدة منها يمكن استنساخك منها، على الصعيد التطبيقي صار الأمر عادياً. هذا شيء بسيط لا يذكر مقارنةً بقول العارف: «أتحسب أنك جِرمٌ صغيرٌ.. وفيك انطوى العالم الأكبرُ»؟
ذلك مجرّد فتح نافذة للحديث. الآن، وقد غدوتَ، ما شاء الله، تحتضن تحت جناحك أمّةً، لا تفصلها فوارق كبيرة عن نفوس الاتحاد الأوروبي، ومساحتها، يخزي العين، لا تبعد كثيراً من مساحتي الولايات المتحدة والصين مجتمعتين، فإن المطلوب هو أن تسأل نفسك بلطف: هل يحتاج دخول الفضاء السيادي للمستقبل تأشيرةً، مؤهلاتٍ، أو ما شاكل بلا مشكلات؟
المسألة ليست لعبةً ولا وكالةً بلا بوّاب. هذه قضايا جوهرية، فهي في صميم الأمن القومي. مثلاً: الاتحاد الأوروبي، من شروط الانضمام إليه، ألا يكون البلد في حالة حرب، وأسوأ الحروب الحرب الأهلية. لا يقبل الأوروبيون أن يمسي من أعضائهم بلد غارق إلى أمّ قدمه وأخمص رأسه في الفساد الإداري والمالي. السلطات في بلاد عجائب المستقبل سابقةُ زمانها بما لا يقاس في فنون الإدارة وعلومها، إلى حدّ ألا أحد يراها، فهي لا تراقِب بجيش ولا شرطة، لا بالكاميرا ولا بالكلاب البوليسية، لكن حدودها يحمي حماها جنود لم تروها.
هل تتصوّر أن الذكاء الاصطناعي نفسه شيء متخلف قياساً على أنظمة بلاد عجائب المستقبل. بمجرد تفكير أيّ طرف في الدخول، تقرأ في صفحات وجوده أنه يعيش في ماضي آلاف السنين، قبل الثورة الزراعية، فكيف يحلم بالتحليق في الآتي قبل أوانه، وهو لم يأت بعد؟ ألا يتطلب ذلك تطوير التعليم والبحث العلمي بالاستثمار في العلوم؟
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: حدود بلاد عجائب المستقبل مفتوحة بلا موانع ولا حواجز، لكن العبور صعب، لأن غير المؤهلين هم الذين يعجزون عن الدخول.
[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"