تُعد القراءة حجر الأساس في بناء مجتمع المعرفة، فهي الوسيلة الأولى لتشكيل الفكر، وتوسيع المدارك، وتعميق الوعي. ولطالما أدركت الإمارات، منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن تنمية الإنسان تبدأ من تنمية فكره وعقله، وهو ما يتجلى اليوم في المبادرات العديدة التي تحث على القراءة وتحولها إلى ممارسة يومية، من «تحدي القراءة العربي» إلى «عام القراءة» سابقاً.
وفي هذا السياق، يأتي معرض أبوظبي الدولي للكتاب ليؤكد أن الكتاب والمعرفة هما قاطرة التنمية، وأن تعزيز ثقافة القراءة هو الطريق الأمثل لتهيئة أجيال قادرة على الإبداع، والابتكار، والمساهمة الفاعلة في نهضة المجتمع.
يحمل شعار معرض أبوظبي الدولي للكتاب لعام 2025 الذي يقام خلال هذه الفترة في إمارة أبوظبي تحت شعار «مجتمع المعرفة ومعرفة المجتمع»، دلالات عميقة تتجاوز مجرد تنظيم حدث ثقافي إلى ترسيخ فلسفة شاملة تعكس طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء مجتمع يقوم على أسس المعرفة.
ويكتسب هذا الشعار أهمية مضاعفة لارتباطه الوثيق بإعلان عام 2025 عاماً للمجتمع في الدولة، في مبادرة تهدف إلى تعزيز التلاحم المجتمعي، وتأكيد أن المعرفة ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لصناعة مجتمع واعٍ ومتماسك وقادر على التقدم.
إن علاقة المعرفة بالمجتمع علاقة تبادلية، فكما تساهم المعرفة في صقل المجتمع وتقدمه يشكل المجتمع بدوره المعرفة عبر حاجاته وقيمه وأولوياته، ومن هنا ينبع مفهوم «مجتمع المعرفة»، الذي يقوم على إنتاج المعرفة وتداولها وتوظيفها في جميع مناحي الحياة. وهو ما تسعى دولة الإمارات إلى تحقيقه ضمن رؤيتها المستقبلية، عبر الاستثمار المكثف في التعليم والبحث العلمي، ودعم الابتكار، وترسيخ ثقافة الحوار والانفتاح.
تلعب معارض الكتب دوراً محورياً في دعم الكتّاب والمثقفين الإماراتيين، فهي توفر لهم منصات لعرض أعمالهم، والتواصل مع جمهور أوسع، وتبادل الخبرات مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم، كما تساهم هذه الفعاليات في تعزيز الهوية الثقافية الوطنية، وتعريف العالم بغنى المشهد الثقافي الإماراتي وتنوعه، وفي ظل شعار 2025، تزداد أهمية هذه الفعاليات باعتبارها تجسيداً عملياً لفكرة ربط المعرفة بالمجتمع، وتحويل الإنتاج الثقافي إلى عنصر فاعل في التنمية المجتمعية.
إن شعار «مجتمع المعرفة ومعرفة المجتمع» لا يعبّر فقط عن طموح لحظي يرتبط بمعرض ثقافي، بل يعكس مساراً استراتيجياً لدولة الإمارات نحو بناء مجتمع إنساني متماسك، ومثقف، وقادر على المشاركة الفعالة في صناعة المستقبل، مستنداً إلى إرث غني من القيم والمعرفة، ومندفعاً بقوة إلى آفاق عالمية جديدة في عالم النشر وجيل متفهم وواعٍ للمعرفة.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







